عدم الاعتناء بالشك في وجود الشئ بعد التجاوز عنه. (1) ولكن انطباق هذه الكبرى على الكل لا يحتاج إلى عناية أخرى لأن شيئية الكل وجدانية قطعية، وأما انطباقها على الجزء لا يمكن إلا بعد عناية أخرى وهو تنزيل الجزء منزلة الكل في هذا الأثر، كي يصير الجزء بواسطة هذا التنزيل فردا ومصداقا تعبديا لمفهوم الشئ في تلك الكبرى المجعولة.
وحيث أن هذا التعبد والتنزيل وقع في الصلاة دون سائر المركبات، كما يدل عليه رواية زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (ع): رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة، قال عليه السلام: (يمضي) قلت: رجل شك في الإقامة وقد كبر، قال (ع) (يمضي). قلت:
رجل شك في التكبير وقد قرأ، قال (ع) (يمضي). قلت: شك في القراءة وقد ركع، قال (ع) (يمضي). قلت: شك في الركوع وقد سجد، قال (ع): (يمضى في صلاته) ثم قال (ع): (يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ). (2) فلذلك لا تجري هذه القاعدة إلا في الصلاة، وسائر المركبات خارجة عن عمومها تخصصا لا تخصيصا، ولا فرق في ذلك بين الطهارات الثلاث وغيرها.
ولكن أنت خبير أن معنى هذا الكلام هو انكار قاعدة التجاوز والالتزام بجريان قاعدة الفراغ في خصوص أجزاء الصلاة لمكان ذلك التنزيل دون سائر المركبات، فكأنه جعلت أجزاء الصلاة بواسطة التنزيل المذكور كأنه مركب مستقل من المركبات العبادية، ففي الحقيقة هو التزم بأنه هناك قاعدة واحدة وهي قاعدة الفراغ، ولكنها لا تجري في الأجزاء إلا في أجزاء الصلاة بواسطة التنزيل.
وقد عرفت عدم تمامية ما أفاد ويأباه الذوق السليم، والسليقة المستقيمة تحكم بأن قوله عليه السلام (إنما الشك في شئ لم تجزه) مفهوم عام يشمل أجزاء الصلاة وغيرها