نعم لو كانت هذه الجملة في كتب الحديث ولو بعنوان الإرسال، أو كان ذكرها أحد الفقهاء في كتابه مرسلة - كما أن صاحب الجواهر قال في كتاب الغصب: (بل لعل قوله (ع): المغرور يرجع إلى من غره ظاهر في ذلك) (1)، والظاهر أنه اشتباه منه، واعتمد (قدس سره) على ما هو المعروف، لا أنه ينقل الحديث عن كتاب أو عن إسناد - لما كان شك في حجيته: لما ذكرنا في كتابنا (منتهى الأصول) (2) من أن مدار الحجية في الخبر هو كونه موثوق الصدور، والوثوق بالصدور كما يحصل من عدالة الراوي أو وثاقته وإن لم يكن عادلا بل كان منحرفا عن الحق، كذلك يحصل من عمل الأصحاب به، بل من فتوى مشهور القدماء على طبقه وإن لم يستندوا إليه.
ولكن مع ذلك يحتاج إلى نقله بعنوان الحديث والرواية، كي بواسطة عمل الأصحاب على طبق مضمونه يحصل الوثوق بصدوره، فيكون موضوعا للحجية.
وأما ادعاء كون هذه الجملة معقد الإجماع لما ذكروها وأرسلوها إرسال المسلمات، فهذا إن صح يرجع إلى الاستدلال بالإجماع، وسنتكلم فيه إن نشاء الله.
الثاني: بناء العقلاء، بمعنى أن العقلاء في معاملاتهم وسائر أعمالهم إذا تضرروا بواسطة تغرير الغير إياهم، يرجعون فيما تضرروا إلى الغار، ويأخذون منه مقدار الضرر الذي صار سببا لوقوع المغرور فيه، وسائر العقلاء لا يستنكرون هذا المعنى بل يغرمون الغار، وهذا أمر دائر شايع بينهم من دون نكير لأحد منهم.
وعندي أن هذا الوجه أحسن الوجوه الذي ذكروها في هذا الباب.
إن قلت: إن بناء العقلاء يحتاج في حجيته إلى الإمضاء قلنا: أولا عدم الردع يكفي في الإمضاء، ولم يثبت ردع من طرف الشارع. وثانيا:
اتفاقهم على الاستدلال بهذه القاعدة في موارد متعددة من دون اعتراض من أحدهم