فالحديث يضيق دائرة الإطلاقات، ويخصص هذه الأمور - أي الجزئية والشرطية والمانعية - بغير حال السهو والنسيان، بل بغير الاضطرار. وأما في هذه الموارد فينفي الجزئية والشرطية والمانعية بل ينفي هذه الأمور في كل مورد سقط الأمر، ولو بواسطة التزاحم والإكراه.
والسر في ذلك أنه لو كان أمر بالصلاة التام الأجزاء والشرائط فيعارض الحديث، لأن مقتضى ذلك الأمر يكون الإعادة بعد الالتفات، خصوصا إذا كان رفع العذر في الوقت مع بقائه لأدائه، ولا حكومة لدليل (لا تعاد) على دليل ذلك الأمر، بخلاف ما إذا سقط الأمر ولو كان سقوطه بواسطة التزاحم أو الإكراه أو الاضطرار، فليس شئ في البين يعارض هذه الصحيحة إلا دليل الأجزاء والشرائط، وقد تقدم أنها محكومة بلا تعاد، ويكون حال لا تعاد بالنسبة إليها حال أدلة نفي الضرر والحرج بالنسبة إلى العمومات وإطلاقات الأدلة الأولية، فلا تبقى معارضة في البين.
(الجهة) الثانية: في أن هذا الحكم، أي عدم وجوب الإعادة في الموارد المذكورة من السهو والنسيان والخطأ والاضطرار وغيرها عند الإخلال بها هل يختص بالنقيصة، أو يشمل الزيادة أيضا فيما إذا كانت الزيادة موجبة للإعادة؟
الأقوى هو الشمول، وذلك من جهة أن الظاهر والمتفاهم العرفي من هذه الجملة أن الخلل الواقع من غير ناحية هذه الخمسة لا يكون موجبا للإعادة، سواء كان سبب وقوع الخلل نقيصة شئ من الأشياء التي لها دخل في الصلاة وجودا أو عدما، أو زيادته.
فلا يرد عليه أن التقدير في طر ف المستثنى منه إما أن يكون وجود الشئ، فيلزم أن يكون مفاد الحديث عدم وجوب الإعادة من وجود كل ما اعتبر في الصلاة إلا من وجود هذه الخمسة. وهذا المعنى واضح البطلان. وإما أن يكون عدم الشئ، فيكون مفاد الحديث لا تجب الإعادة من عدم كل ما اعتبر في الصلاة إلا من عدم هذه