أحدهما: التجاوز عن محله الذي عين الشارع له، وبهذا الاعتبار يشمل قاعدة التجاوز. والثاني: التجاوز عن نفسه والفراغ عنه، وبهذا الاعتبار يشمل قاعدة الفراغ.
والجامع بينهما هو عنوان الخروج عن الشئ، ولا يلزم محذور أصلا.
وأما قوله عليه السلام في رواية إسماعيل بن جابر: (كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه) لا شك في أنه أيضا كبرى كلية أمر عليه السلام بالمضي وعدم الاعتناء بالشك في كل ما شك فيه، سواء أكان ذلك المشكوك فيه نفس المركب أو جزء من أجزائه بعد ما مضى عنه، غاية الأمر المضي عن المركب بإتمامه والفراغ عنه وعن الجزء بالمضي عن محله، كما بينا لك في رواية زرارة فلا نعيد.
وعلى هذا القياس قوله عليه السلام في موثقة ابن بكير (كل ما شككت مما قد مضى فامضه كما هو).
وأما قوله عليه السلام في موثقة ابن أبي يعفور: (إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه) فبمفهوم الحصر يدل على أنه إذا جزت عن شئ فليس شك هناك، بمعنى أن الشارع ألقى الشك في كل شئ جزت عنه، وجعل وجوده بمنزلة العدم، فيكون حال هذه الرواية أيضا حال سائر الروايات من كونه عليه السلام بصدد بيان كبرى كلية، أي عدم الاعتناء بالشك في كل شئ جزت عنه، سواء أكان ذلك الشئ نفس المركب أو أحد أجزائه.
ولا فرق في حكم الشارع بعدم الاعتناء بالشك بعد أن خرج عن المشكوك ودخل في غيره بأن يكون الخروج عن جزء والدخول في جزء آخر، وبين أن يكون الخروج عن مجموع المركب والدخول في شئ آخر غيره.
نعم الخروج عن الجزء باعتبار الخروج عن محله: لأن المفروض أن أصل وجود الجزء مشكوك، فلا معنى للخروج عن نفس الجزء. وأما عدم الفراق في حكمه بعدم