والاشتغال بها من أول الدخول فيها إلى آخرها، فإذا خرج جزء صغير منها عن القبلة ولم يأت به إليها تكون الصلاة فاقدة لهذا الشرط، وتكون داخلة في عقد المستثنى لا المستثنى منه. فلا فرق بين خروجها بتمامها عن القبلة وبين خروج مقدار منها عنه وإن كان ذلك المقدار يسيرا.
الرابع: (الركوع) والخامس (السجود) وهما من مقولة الوضع، وكل واحد منهما عبارة عن هيئة خاصة حاصلة لجسم الإنسان من نسبة أجزاء جسمه بعضها إلى بعض ومجموعها إلى الخارج، فيكونان كالقيام والقعود والانبطاح والاستلقاء، فهذه كلها أوضاع للجسم الإنساني.
وهذه المفاهيم كلها مفاهيم عرفية، يحمل ما يفهم العرف منها، إلا إذا أتى دليل على أن الشارع تصرف فيها في عالم موضوعيتها لأحكامه بالزيادة أو النقيصة مما يفهمه العرف، وأما إذا أطلق فيحمل على ذلك المعنى العرفي. فالركوع عند العرف له مصاديق بل مراتب، فمن أول خفض الرأس مع أول مرتبة من انحناء البدن إلى الانحناء والنفوس التام يسمى عند العرف بالركوع، فإن أطلق الشارع في حكمه عليه وقال مثلا: (اركع في كل ركعة من صلاتك) فإذا أتى بأي مصداق من مصاديقه العرفية وأية مرتبة من مراتبه فقد امتثل، ما لم يكن انصراف أو قرينة على إرادة أحد المصاديق أو المراتب بالخصوص.
نعم إذا جاء تحديد من قبل الشارع في عالم موضوعيته لحكمه، فلابد من أن ينظر إلى مقدار دلالة ذلك الدليل وقد وقع الخلاف في ما يستفاد من أدلة تحديد الركوع:
فقال بعضهم: إنه عبارة عن الانحناء إلى حد تصل يداه إلى ركبتيه وصولا لو أراد وضع شئ منهما عليهما لوضعه.
وفي المنتهى: ويجب فيه الانحناء بلا خلاف وقدره أن تكون بحيث تبلغ يداه إلى