(المبحث) السادس قد عرفت فيما تقدم أن الأفعال والعناوين القصدية لا تجري فيها أصالة الصحة إلا بعد إحراز أن الغير الفاعل لذلك الفعل قصد عنوان ذلك العنوان القصدي، وقد ذكرنا من باب المثال أن الذي يصلي صلاة الظهر مثلا لا تجري أصالة الصحة في فعله بعد صدوره عنه إلا بعد إحراز أنه قصد عنوان الظهرية في المثال المذكور. ولا شك في أن النيابة من العناوين القصدية، بمعنى أنه لو حج، أو زار أحد المعصومين (ع) بدون قصد النيابة عن قبل زيد مثلا، لا تقع النيابة عن قبل زيد. وأما إذا أحرز المستنيب أن النائب قصد بفعله النيابة عن قبله بمحرز وجداني أو تعبدي، وشك في أن النائب هل أتى بالحج مثلا بجميع ما اعتبر فيه وجودا كالأجزاء والشرائط، أو عدما كالموانع أم لا؟ فتجري أصالة الصحة في فعل النائب، ويثبت بها أنه بجميع ما اعتبر فيه، فيسقط عن المنوب عنه ويستحق النائب الأجرة إن كان بأجرة هذا.
ولكن الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) أفاد أن لفعل النائب عنوانين:
أحدهما من حيث أنه فعل من أفعال النائب، ولذا يجب عليه مراعاة الأجزاء والشرائط، وبهذا الاعتبار يترتب عليه جميع آثار صدور الفعل الصحيح منه، مثل استحقاق الأجرة، وجواز استيجاره ثانيا بناء على اشتراط فراغ ذمة الأجير في صحة استيجاره ثانيا.
الثاني من حيث أنه فعل للمنوب عنه، حيث أنه بمنزلة الفاعل بالتسبيب والآلة، وكان الفعل بعد قصد النيابة والبدلية قائما بالمنوب عنه، وبهذا الاعتبار يراعي فيه القصر والإتمام في صلاة، والتمتع والقران في الحج، والترتيب في الفوائت. والصحة من الحيثية الأولى لا يثبت الصحة من هذه الحيثية الثانية، بل لابد من إحراز صدور الفعل الصحيح عنه على وجه التسبيب.