والإنصاف أن الاختلال الذي يلزم من عدم اعتبار هذه القاعدة أشد وأعظم من الاختلال الذي يلزم من عدم اعتبار قاعدة اليد، فإن هذه القاعدة جارية في أغلب أبواب الفقه من العبادات والمعاملات: ولذلك لا يبقى محل للاستدلال على اعتبارها بالإجماع: لأنه من المظنون أن يكون مدرك المجمعين هو الذي ذكرنا، فليس من الإجماع المصطلح الأصولي الذي يكون اعتباره من جهة كشفه عن رأي المعصوم (ع).
وأما الاستدلال عليه بالآيات والروايات فلا يخلو عن مناقشة بل منع في أكثرها.
والإنصاف أن اعتبار هذه القاعدة وحكومتها على الاستصحاب وأصالة الفساد من المسلمات التي لا خلاف فيها أصلا، فلا ينبغي تطويل المقام بذكر الآيات والأخبار التي أوردوها، والمناقشة فيها.
(المبحث) الثاني أن المراد من الصحة في هذه القاعدة هل الصحة الواقعية، أو الصحة باعتقاد الفاعل؟ وهناك احتمال آخر وهو أن يكون المراد منها الصحة باعتقاد الحامل.
ولكن في تعيين أحد هذه الاحتمالات لابد من ملاحظة دليل القاعدة، وأن أي واحد من هذه الاحتمالات مفاد ذلك الدليل.
فنقول: سواء أكان الدليل هي سيرة العقلاء من كافة الناس، أو الإجماع، أو اختلال النظام من عدم الاعتبار ولا شك في أن المراد الصحة الواقعية: وذلك لأن بناء العقلاء من المعاملات التي تقع بين الناس وحملها على الصحة هي الصحة الواقعية، وإلا لو كانت الصحة باعتقاد الفاعل لما كان للحمل على الصحة أثر: لأن اعتقاد الصحة عند الفاعل مع عدم إثبات الصحة الواقعية لا يوجب لسائر الناس، ترتيب آثار الصحة، مع أن الناس قاطبة يرتبون آثار الصحة، مثلا لو علموا أن رجلا