الفعل المحرم حالة منتظرة إلا وجود هذه المقدمة، فكيف يمكن أن يقال بأنها ليست إعانة على الإثم؟
وظهر مما ذكرنا أن تجارة التاجر وإن كان من مقدمات أخذ العشار العشر مثلا وهو حرام وإثم، ولكن حيث أن التجارة من مبادي إرادة أخذ العشر وتكون بمنزلة الموضوع له وفي الرتبة المتقدمة عليه، فلو لم يكن بفعله - أي تجارته قاصدا ترتب أخذ العشر، كما أنه كذلك إذ قصد التاجر الانتفاع بهذا العمل، لا أن يؤخذ منه العشر بل يسعى في عدمه أو لا أقل في تقليله، فلا يكون إعانة وليس بحرام، بل يكون على حكمه الأولي أي الاستحباب مثلا.
نعم لو قصد بفعله هذا ترتب الحرام عليه يكون إعانة وإن كان من أبعد المقدمات والمعدات.
الجهة الثالثة في موارد تطبيق هذه القاعدة.
فمنها: مسألة بيع العنب لمن يعلم أنه يصنعه خمرا. وقد تعرض لهذه المسألة شيخنا الأعظم الأنصاري (قدس سره) (1) وبناء على ما ذكرنا من الضابط في باب الإعانة على الإثم إن كان البائع للعنب قصد ببيعه هذا ترتب صنع الخمر على هذا البيع، فيكون من الإعانة على الإثم قطعا.
وأما إن لم يقصد ذلك، بل يريد بيع عنبه وتحصيل ثمنه، وربما يتأذى من صنعه خمرا ويسأل الله أن يردعه عن هذا الفعل، فإن كان ذلك الغير عازما ومريدا لصنع الخمر إذا وجد العنب - بحيث يكون بيعه للعنب عليه بمنزلة الجزء الأخير من العلة