وهذا معنى الحكومة فتأمل،.
ثم إنه لو شككنا ولم نحرز أنهما من الأمارات أو من الأصول، فمقتضى القاعدة عدم ترتيب آثار الأمارة عليهما من ترتيب آثار الشرعية التي للوازمهما العقلية عليها لأن مرجع هذا الشك هو الشك في إثبات اللوازم بهما، وإلا بالنسبة إلى أصل المؤدى فلا فرق بينهما، أي سواء كانا من الأصول أو من الأمارات يثبت المؤدى بهما، ومعلوم أن نتيجة الشك في حجيتهما في إثبات اللوازم عدم حجيتهما كما هو الشأن في كل مشكوك الحجية.
المبحث) الثاني في أنهما من القواعد الفقهية أو من المسائل الأصولية؟
وقد ذكرنا مرارا أن الضابط في كون المسألة أصولية أن تكون واسطة في إثبات المحمولات الفقهية لموضوعاتها.
والسر في ذلك أنه لا شك في أن كل قضية ومسألة ليس ثبوت محمولها لموضوعها بديهيا ومبينا في نفسه، فالتصديق بثبوت ذلك المحمول لذلك الموضوع يحتاج إلى دليل ومثبت، وذلك الدليل والمثبت هو الذي تسميه بالواسطة في الإثبات.
ولا شك في أن أغلب المسائل الفقهية نظرية يحتاج إلى النظر والاجتهاد والاستنباط في عصر الغيبة، بل وفي عصر حضور الإمام (عليه السلام) كما يظهر ذلك من أمرهم صلوات الله عليهم بعض أصحابهم في زمان حضورهم بالجلوس والإفتاء بين الناس.
فالمجتهد هو الذي يفتش ويفحص عن وجود الدليل على ثبوت محمول المسألة الفقهية لموضوعها، والعلم المتكفل لتعيين تلك الأدلة هو علم الأصول، فكل قاعدة ومسألة تقع نتيجة البحث عنها واسطة لاثبات محمول مسألة فقهية لموضوعها يكون من المسائل الأصولية: لأنه لا هم ولا غرض للأصولي إلا معرفة المبادئ التصديقية