وذلك من جهة أن الصحة التعبدية الثابتة بأصالة الصحة ليست بأعظم من الصحة المحرزة بالوجدان، ومعلوم أن صحة العقد واقعا وقطعا لا تترتب عليها آثار صحة المعاملة ما لم ينضم إليه جميع الشرائط التي للمتعاقدين، وأيضا للعوضين.
وأما إن كان ما شك في صحته وفساده هو المسبب، أي المعاملة الكذائية لأجل احتمال خلل، من فقد شرط، أو وجود مانع للعقد، أو للمتعاقدين، أو العوضين فيجري هذا الأصل فيها ويحكم بصحتها، سواء أكان الشرط المحتمل الفقدان، أو المانع المحتمل الوجود من شرائط العقد أو موانعه، أو من شرائط المتعاقدين وموانعهما، أو العوضين، أو نفس المسبب كذلك ما لم يكن من مقومات تحقق المعاملة عرفا، لما بينا مفصلا فلا نعيد.
فما هو التحقيق في المقام أن يقال بجريان هذا الأصل في جميع ما شك في صحته وفساده بعد إحراز عقد وضع هذه القضية، سواء أكان الشك في ناحية السبب أي العقد، أو المسبب أي عناوين المعاملات المذكورة في أبواب العقود والإيقاعات.
ومعلوم أن جميع الشكوك - التي محلها إما العقد أو المتعاقدين أو العوضين - ترجع إما إلى السبب أو إلى المسبب، أو إلى كليهما.
ثم إنه هاهنا فروع ربما يستشكل في جريان قاعدة أصالة الصحة فيها.
منها: بيع الوقف، من جهة عدم صحة بيع الوقف لو خلي وطبعه، ولا يجوز إلا بطرو أحد مجوزات بيعه، وليس هناك ما يدل على طرو المجوز إلا ظهور حال المسلم في أنه لا يرتكب ما لا يجوز.
وهذا المعنى أولا غير أصالة الصحة التي بناء العقلاء على اعتبارها. وثانيا:
لا دليل على اعتبار مثل هذا الظهور، لأن كثيرا من المسلمين يفعلون ما لا يجوز وما ليس بنافذ شرعا.