أقول: وهذا الكلام من مثله عجيب فسبحان من لا يخطئ، وكيف يمكن أن يكون طلب الخير من الله جل جلاله الذي هو حقيقة الاستخارة من مصاديق الاستقسام بالأزلام؟ فالأول عبادة وإيكال أمره وتفويضه إلى الله، والثاني شرك وطلب الخير من هبل أو من الأزلام.
الجهة الرابعة في بيان أن الاستصحاب مقدم عليها، أو هي مقدم عليه عند تعارضهما فنقول: البحث عن هذا فرع وقوع التعارض بينهما والظاهر عدم وقوع ذلك، لأنه بناء على ما بيناه من اختصاص القرعة بالشبهات الموضوعية المقرونة بالعلم الإجمالي فلا تجري في ثلاثة أقسام من صور الشبهة الحكمية بكلا قسميها البدوية والمقرونة بالعلم الإجمالي، والموضوعية البدوية. وأما الموضوعية المقرونة بالعلم الإجمالي - التي هي مورد القرعة على الشرط المتقدم وهو أن لا يجب أو لا يجوز فيها الاحتياط - وإن كانت في حد نفسها مما يمكن جريان الاستصحاب فيها، لكنها غالبا يسقط فيها الاستصحاب بالمعارضة ولو كان بين شخصين أو أشخاص، مثلا في باب تعارض البينات الذي هي العمدة في كون الحق بين شخصين أو أشخاص الاستصحابات متعارضة.
ثم أنه لو فرضنا وجود مورد يكون مجرى لكليهما بدون سقوط أحدهما فيكون الاستصحاب حاكما على القرعة، وذلك من جهة أن القرعة إنما شرعت في مورد لا حيلة ولا علاج لحل المشكل والملتبس، ولذلك قال عليه السلام كما تقدم -: (وتلك المعضلات) (1). ولذلك قيدنا موضوعها بأنها لا يكون مجرى للاحتياط الواجب، وإلا