فلا بأس بأن تقول أن الظن ممكن الحجية، كما أن لك أن تقول إن العلم واجب الحجية، كما أن الشك في شئ لا يمكن أن يجعل طريقا وكاشفا ولو كان في عالم الاعتبار العقلائي أو عالم الاعتبار الشرعي: لأن الحجية المجعولة في عالم الاعتبار لابد وأن تكون في محل قابل، والشك والتحير ليسا قابلين لأن يجعلا طريقا وكاشفا، فإذا حكم الشارع في مورده بشئ يكون صرف وظيفة عملية من دون أن يكون طريقا إلى وجود المشكوك أو طريقا إلى عدمه، فلا بأس بأن نقول الشك ممتنع الحجية.
ثم لا يخفى أنه في مورد الظن بشئ يمكن أن يجعل وظيفة عملية، ولا يلاحظ جهة كشفه الناقص وتتميمه في عالم الاعتبار كي تكون أمارة، بل المجعول صرف الوظيفة العملية بإلقاء جهة الكشف الناقص الموجود فيه وعدم رعايته أصلا، فيكون أصلا عمليا.
ثم إن تلك الوظيفة العملية المجعولة في هذه الصورة إن كانت بلسان أنه هو الواقع فيكون أصلا تنزيليا - وإن شئت سمه: أصلا محرزا - وان لم يكن بهذا اللسان فهو أصل غير تنزيلي وإن شئت سمه: الأصل غير المحرز.
إذا عرفت هذا فنقول: لا شك في حصول الظن النوعي من اليد غير المعترفة، بأن ما استولت عليه ليس لها بملكية ما تحتها لها، وبناء العقلاء على طريقية هذا الظن وحجيته لا على صرف العمل على طبق المظنون مع إلقاء جهة كشفه حتى يكون أصلا عمليا، والشارع أمضى بناء العقلاء كما هو مفاد هذه الأخبار، فتكون اليد أمارة وحاكمة على الاستصحاب كما تقدم وجهها.
الجهة الخامسة في سعة دلالتها ومقدار حجيتها وموارد جريانها قد وقع الخلاف في كثير من الموارد بعد الاتفاق على حجيتها في الجملة.