أنه لا يلتفت إلى كونه شاكا، وإن كان لو التفت إلى حاله يكون شاكا، ولكن لا يتحير فلا يرى نفسه موضوعا لخطاب (لا تنقض) حتى يكون رادعا.
ولا تتوهم من هذا أمارية أصالة الصحة، وهو خلاف المفروض، لأن فرضنا الآن على تقدير الأصلية وأنها أصل محرز، وإلا فعلى تقدير الأمارية بينا حكومتها على الاستصحابات الموضوعية، شأن حكومة كل أمارة على كل أصل. وذلك من جهة أن معنى الأمارة الشرعية أن يجعلها الشارع في عالم اعتباره التشريعي كاشفا تاما، ونحن ما ادعينا مثل ذلك لها، وإنما قلنا أن بناء العقلاء على العمل على طبق المعاملة الصحيحة التامة الواجدة لجميع الأجزاء والشرائط، وهذا المعنى لا يلازم جعلها كاشفا شرعا.
هذا، مضافا إلى أنه ما من مورد يشك في صحة معاملة من أقسام المعاملات من العقود والإيقاعات، إلا وأن يكون بالنسبة إلى بعض شرائط المتعاقدين أو العوضين مجرى استصحابات العدمية، فلو كانت تلك الاستصحابات مقدمة على هذا الأصل لا يبقى مورد له أصلا، أو كان مورده في غاية القلة بحيث يكون مثل هذا التشريع لغوا، بل يوجب سقوط هذا الأصل في تلك الموارد - سواء كان من باب تقديم تلك الاستصحابات، أو من باب سقوطه بالمعارضة - اختلال النظام أيضا، فلا بد من تقديمه على تلك الاستصحابات، سواء قلنا بأنه أصل أو امارة.
وبعبارة أخرى: يكون هذا الأصل أخص بحسب المورد عن الاستصحاب، فيكون مخصصا لدليل الاستصحاب، كما هو الشأن في مورد الخاص والعام المختلفين في الحكم. هذا تمام الكلام في مباحث أصالة الصحة.
ثم أن الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) ذكر أصالة الصحة في الأقوال والاعتقادات، وذكر للأول صورا وقال في بعضها بجريان أصالة الصحة فيها، وفي بعضها الآخر أنكر