وإنما الكلام في جهات أخر:
. منها: أنه هل وجوب الإعادة فيما إذا ترك الركوع بجميع مراتبها بحيث لم يأت به أصلا، أو فيما إذا لم يأت بالمرتبة الكاملة وإن أتى بسائر المراتب؟
والصحيح هو أنه وجوب الإعادة يكون فيما إذا لم يأت بما حدده الشارع وإن أتى بما دون ذلك من المراتب، لأن الحكم الشرعي إذا كان موضوعه الركوع فيكون ثبوت ذلك الحكم في ظرف وجود ما يراه الشارع ركوعا، لا ما يراه العرف ركوعا.
نعم لو لم يكن تصرف من قبل الشارع، بمعنى أنه لم يكن تحديد من قبل الشارع لكان حينئذ المرجع في تعيين الموضوع هو العرف، لكن الأمر ليس كذلك، فإن الشارع حدد الركوع المعتبر في الصلاة، فإذا ركع في صلاته ولم يصل إلى حد الذي حدده الشارع به فيصدق أنه فات منه الركوع وإن أتى به ببعض مراتب المعني العرفي ولكن ذلك لا يفيد، لأنه ليس موضوعا للحكم الشرعي، فيدخل في المستثنى مع صدق الركوع العرفي على ما أتى به، فتجب عليه الإعادة.
ثم إنه مقتضى هذا الحديث لزوم إعادة الصلاة عند عدم الإتيان وفوته وعدم إمكان تداركه في نفس الصلاة، ومقتضى القاعدة الأولية صدق الفوت بعدم الإتيان به في محله الذي عين الشارع له، فلو تجاوز عن ذلك المحل ولم يأت به يصدق أنه فات منه، إلا أن الشارع تصرف في المستفاد عرفا عن مفهوم تجاوز المحل، وفرق في إمكان التدارك بين احتمال عدم الإتيان والقطع به في أجزاء الصلاة، فجعل محل تدارك احتمال العدم عدم المضي عن الشئ والتجاوز عنه أو عدم الدخول في غيره، ومحل تدارك القطع بالعدم عدم الدخول في الركن الذي بعده.
وبعبارة أخرى: محل التجاوز في الجزء المنسي وعدم إمكان التدارك - بعد ما التفت إلى نسيانه وعدم الإتيان به قطعا سواء أكان ذلك الجزء المنسي ركنا أو لم يكن بركن - هو الدخول في الركن الذي بعده، لأنه ان لم يدخل فيه فيرجع ويعيد ولا يلزم