وأما الشيخ الكبير فان أبا حنيفة أوجب عليه اطعام مسكين مكان كل يوم، ولم ير مالك الاطعام عليه واجبا، وقال الشافعي مرة (1) كقول أبي حنيفة، ومرة كقول مالك.
قال أبو محمد: روينا من طريق إسماعيل عن علي (2) بن عبد الله عن سفيان، وجرير قال سفيان قال عمرو بن دينار: أخبرني عطاء انه سمع ابن عباس يقرؤها (وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين) يكلفونه ولا يطيقونه، قال: هذا الشيخ الكبير الهم والمرأة الكبيرة الهمة (3) لا يستطيع الصوم يفطر ويطعم كل يوم مسكينا، وقال جرير عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس: مثله.
قال على: هذا صحيح عن ابن عباس، وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم: انه يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا، وصح عن أنس أنه ضعف عن الصوم إذ كبر فكان يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا، قال قتادة:
الواحد كفارة والثلاثة تطوع.
ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن عبد الرحمن بن حرملة قال سمعت سعيد ابن المسيب: يقول في قول الله تعالى: (على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين): هو الكبير الذي عجز عن الصوم والحبلى يشق عليها الصوم، فعلى كل واحد منهما اطعام مسكين عن كل يوم * وعن الحسن، وقتادة في الشيخ الكبير والعجوز انهما يطعمان مكان كل يوم مسكينا * وعن عطاء والحسن، وسعيد بن جبير مثل ذلك، وروى عن قيس بن السائب وهو من الصحابة مثل ذلك (4) * وعن أبي هريرة أنه يتصدق عن كل يوم بدرهم * وعن مكحول، وطاوس، ويحيى بن أبي كثير فيمن منعه العطاش (5) من الصوم انه يفطر ويطعم عن كل يوم مدا.
قال أبو محمد: فرأى أبو حنيفة على الشيخ الذي لا يطيق الصوم لهرمه اطعام مسكين مكان كل يوم ولم يره على الحامل والمرضع، وأوجبه مالك على المرضع خاصة ولم يوجبه على الحامل ولا الشيخ الكبير، وهذا تناقض ظاهر * واحتج بعض الحنيفيين بان الحامل