ويرى أن قوله المذكور في الماشية، والزرع إنما هو في زكاة تلك السنة فقط، فأما زكاة فرط فيها حتى مات فإنه يقول: بأنها تسقط عنه.
وقال مالك فيمن مات بعد حلول الزكاة في ماله أي مال كان، حاشا المواشي: فإنها تؤخذ من رأس ماله، فإن كان فرط فيها أكثر من عام فلا تخرج عنه الا أن يوصى بها، فتكون من ثلثه مبداة على سائر وصاياه كلها، حاشا التدبير في الصحة، وهي مبداة على التدبير في المرض.
قال: وأما المواشي فإنه ان حال الحول عليها ثم مات قبل مجئ الساعي ثم جاء الساعي فلا سبيل للساعي عليها، وقد بطلت، إلا أن يوصى بها، فتكون في الثلث غير مبداة على سائر الوصايا.
واختلف قول الأوزاعي في ذلك: فمرة رآها من الثلث، ومرة رآها من رأس المال.
قال أبو محمد: أما قول أبي حنيفة، ومالك ففي غاية الخطأ، لأنهما أسقطا بموت المرء دينا لله تعالى وجب عليه في حياته، بلا برهان أكثر من أن قالوا: لو كان ذلك لما شاء انسان ان لا يورث ورثته شيئا إلا أمكنه!.
فقلنا: فما تقولون في إنسان أكثر من إتلاف أموال الناس ليكون ذلك دينا عليه ولا يرث ورثته شيئا، ولو أنها ديون يهودي أو نصراني في خمور أهرقها لهم؟!.
فمن قولهم: إنها كلها من رأس ماله، سواء ورث ورثته أو لم يرثوا، فنقضوا علتهم بأوحش نقض! أسقطوا حق الله تعالى الذي جعله للفقراء، والمساكين من المسلمين، والغارمين منهم، وفى الرقاب منهم، وفى سبيله تعالى، وابن السبيل فريضة من الله تعالى:
وأوجبوا ديون (1) الآدميين وأطعموا الورثة الحرام!.
والعجب كله من إيجابهم الصلاة بعد خروج وقتها على العامد لتركها، وإسقاطهم الزكاة ووقتها قائم عن المتعمد لتركها!.
ثم تقسيم مالك بين المواشي وغير المواشي، وبين زكاة عامه ذلك وسائر الأعوام، فرأى زكاة عامه من رأس المال، وان لم يبق للورثة شئ يعيشون منه، ولم ير زكاة سائر الأعوام إلا ساقطة!.
ثم تفريقه بين الزكاة الناض يوصى بها فتكون في الثلث وتبدى على الوصايا الا على التدبير (2) في الصحة وتبدى على التدبير في المرض: وبين زكاة الماشية يوصى بها