ولا يجوز أن يزكيه مع ما قد زكاه من المال الثاني، فيكون يزكى الثاني مرتين في عام، ويستأنف بالجميع حولا.
فان رجع المال الثاني مالا زكاة فيه وبقى الأول نصابا فإنه يزكيه إذا حال حوله، ثم يضم الثاني إلى الأول من حينئذ لما قد ذكرنا فيستأنف بهما حولا.
فلو خلطهما فلم يتميزا فإنه يزكى كل عدد منهما لحوله، ويجعل ما أخرج من ذلك كله نقصانا (1) من المال الثاني، لأنه لا يوقن بالنقص إلا بعد إخراج الزكاة من الثاني، وأما قبل ذلك فلا يقين عنده بأن أحدهما نقص، فلا يزال كذلك حتى يرجع كلاهما إلى ما يوقن أن أحدهما قد نقص ولابد عما فيه الزكاة.
وذلك مثل أن يرجع الغنمان إلى أقل من عشرين ومائة، لأنه لا يجوز أن يزكى عن هذا العدد بشاتين، أو أنه قد رجع البقران إلى أقل من مائة، والذهبان إلى أقل من ثمانين دينارا، والابلان إلى أقل من عشرة، والفضتان إلى أقل من أربعمائة درهم.
فإذا رجع المالان إلى ما ذكرنا فقد يمكن أن النقص دخل في كليهما، ويمكن أن يكون دخل في أحدهما، إلا أنه بلا شك قد كان عنده مال تجب فيه الزكاة، فلا تسقط عنه بالشك فإذا كان هذا ضم المال الثاني إلى الأول فزكى الجميع لحول الأول أبدا، حتى يرجع الكل إلى ما لا زكاة فيه.
فلو اقتنى خمسا من الإبل أو أكثر إلا أنه عدد يزكى بالغنم ثم اقتنى في داخل الحول عددا يزكى وحده لو انفرد إما بالغنم وإما بالإبل فإنه يزكى ما كان عنده عند تمام حوله بالغنم، ثم ضمه إثر ذلك إلى ما استفاد، إذ لا يجوز أن يكون إنسان واحد عنده إبل له قد تم لجميعها حول فيزكى بعضها بالغنم وبعضها بالإبل، لأنه خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في زكاة الإبل.
فلو ملك خمسا وعشرين من الإبل ثم ملك في الحول احدى عشرة زكى الأول لحولها بنت مخاض، ثم ضمها إلى الفائدة من حينئذ على كل حال فزكى الجميع لحول من حينئذ مستأنف ببنت لبون، لما ذكرنا من أنه لا تختلف زكاة إبل واحدة لمالك واحد.
وهكذا في كل شئ.
فان قيل: فإنكم تؤخرون زكاة بعضها عن حوله شهورا (2).
قلنا: نعم، لأننا لا نقدر على غير ذلك البتة، الا باحداث زكاتين في مال واحد، وهذا خلاف النص، وتأخير الزكاة إذا لم يمكن (3) التعجيل مباح لا حرج فيه.