والعجب كل العجب تركهم ما في الصحيفة التي رواها الزهري نصا من صفة زكاة الإبل، واحتجاجهم بما ليس منها!، وخالفوا الزهري أيضا فيما ذكر من زكاة الذهب بالقيمة وهذا تلاعب بالديانة وبالحقائق وبالعقول!.
وأما حديث على الذي ختمنا به فصحيح مسند، ولا حجة لهم فيه، بل هو حجة عليهم، لان فيه: (قد عفوت عن الخيل والرقيق) وهم يرون الزكاة في الخيل السائمة والتي للتجارة وفي الرقيق الذي للتجارة، ومن الشناعة احتجاجهم بحديث هم أول مخالف له في نص ما فيه (1)!.
ولا دليل فيه على ما يقولون لوجهين:.
أحدهما أن نصه: (هاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم، وليس في تسعين ومائة شئ فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم) ونعم، هكذا هو، لان في المائتين أربعين مكررة خمس مرات، ففيها خمسة دراهم، ونحن لا ننكر أن في أربعين درهما زائدا درهم (2)، وليس في هذا الخبر إسقاط الزكاة عن أقل من أربعين زائدة على المائتين، فلا حجة لهم فيه.
وأيضا فهم يقولون: ان الصاحب إذا روى خبرا ثم خالفه فهو دليل على ضعف ذلك الخبر، كما ادعوا في حديث (3) أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا وقد صح عن علي كما ذكرنا في صدر هذه المسألة أن ما زاد على مائتي درهم فالزكاة فيه بحساب المائتين، فلو كان في رواية على ما يدعونه من إسقاط الزكاة عما بين المائتين والأربعين الزائدة لكان قول على بايجاب الزكاة في ذلك على أصلهم مسقطا لما روى من ذلك (4) والقوم متلاعبون!.
قال أبو محمد: فسقط كل ما موهوا به من الآثار، وعادت حجة عليهم كما أوردنا.
وأما قولهم: قد صحت الزكاة في الأربعين الزائدة على المائتين باجماع، واختلفوا فيما دون الأربعين، فلا تجب الزكاة فيها باختلاف: فان هذا كأن يكون احتجاجا صحيحا لو لم يأت نص بايجاب الزكاة في ذلك، ولكن هذا الاستدلال يعود عليهم في قولهم في زكاة الخيل وزكاة البقر وما دون خمسة أوسق مما أخرجت الأرض والحلي وغير ذلك، ويهدم عليهم أكثر مذاهبهم.