الحقوق تختلف، فمنها عند المالكيين ما يقبل فيها شاهد ويمين، ومنها يقبل فيه إلا رجلان، أو رجل وامرأتان، ومنها مالا يقبل فيه إلا رجلان فقط، ومنها ما لا يقبل فيه إلا أربعة، ومنها ما يسمح فيه حتى يجيزوا فيه (1) النصراني والفاسق، كالعيوب في الطب، فمن أين لهم ان يخصوا بعض هذه الحقوق دون بعض بقياس الشهادة في الهلال عليه؟ ونسألهم عن قرية ليس فيها الا فساق، أو نصارى أو نساء (2) وفيهم عدل يضعف بصره عن رؤية الهلال؟.
قال أبو محمد: فاما نحن فخبر الكافة مقبول في ذلك وإن كانوا كفارا أو فساقا، لأنه يوجب العلم ضرورة.
فان قالوا: قد أجمع الناس على قبول عدلين في ذلك.
قلنا: لا بل أبو يوسف القاضي يقول: إذا كان الجو صافيا لم أقبل في رؤية الهلال أقل من خمسين.
فان قالوا: كلامه ساقط.
قلنا: نعم وقياسكم أسقط! (3).
فان قالوا: فمن أين أجزتم فيهما (4) خبر الواحد؟.
قلنا: لأنه من الدين، وقد صح في الدين قبول خبر الواحد، فهو مقبول في كل مكان، إلا حيث أمر الله تعالى بان لا يقبل إلا عدد سماه لنا.
وأيضا: فقد ذكرنا (5) قبل هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذان بلال: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) فأمر عليه السلام بالتزام الصيام بأذان ابن أم مكتوم بالصبح، وهو خبر واحد بان الفجر قد تبين.
وحدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ثنا مروان بن محمد عن عبد الله بن وهب عن يحيى ابن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر قال:
(تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم: انى رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه).
وهذا (6) خبر صحيح.