وبه إلى مسلم: ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن جعفر غندر ثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عائشة أم المؤمنين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم (1)).
وقال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) لا سيما من كابر على أن فعاله صلى الله عليه وسلم فرض.
وقد روينا ذلك من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعلي بن الحسين، وعمرو ابن ميمون، ومسروق، والأسود، وأبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، كلهم عن عائشة بأسانيد كالذهب.
ورويناه بأسانيد في غاية الصحة عن أمهات المؤمنين أم سلمة، وأم حبيبة، وحفصة (2) وعمر بن الخطاب، وابن عباس، وعمر بن أبي سلمة وغيرهم كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فادعى قوم أن القبلة تبطل الصوم.
وقال قوم: هي مكروهة (3).
وقال قوم: هي مباحة للشيخ، مكروهة للشاب.
وقال قوم: هي خصوص للنبي صلى الله عليه وسلم.
فأما من أدعى انها خصوص له عليه السلام فقد قال الباطل، وما يعجز عن الدعوى من لا تقوى له.
فان احتج في ذلك بما روى من قول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه).
قلنا: لا حجة لك في قول عائشة هذا، لان عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا قال ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل بن الخليل ثنا علي بن مسهر ثنا أبو إسحاق هو الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد عن أبيه عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت: (كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله (4) صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟!) فإن كان قولها ذلك في قبلة الصائم يوجب أنه له خصوص فقولها هذا في مباشرة الحائض يوجب أنها له أيضا خصوص، أو أنها مكروهة، أو أنها (5) للشيخ دون الشاب ولا يمكنهم ههنا دعوى الاجماع، لان ابن عباس وغيره كرهوا مباشرة الحائض جملة،