فحالفوا كل لفظ خبر ورد في ذلك جملة! وخالفوا القياس، إذ لم يوجبوا الكفارة على بعض من أفطر بغير الوطئ وبالوطئ، ولم يتبعوا ظاهر الآثار، إذ أوجبوها على بعض من أفطر بغير الوطئ! على ما نذكر من أقوالهم بعد هذا، فلا يجوز ايهامهم بأنهم تعلقوا في هذا الموضع بشئ من الآثار، أو بشئ من القياس: على من نبهناه (1) على تخاذل أقوالهم في ذلك! وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: وقد اختلف السلف في هذا، فنذكر إن شاء الله تعالى ما يسر الله عز وجل لذكره من أقوالهم، ثم نعقب بأقوال الحنيفيين والمالكيون والشافعيين، التي لا متعلق لها بالقرآن ولا بشئ من الروايات، والسنن، ولا صحيحها ولا سقيمها، ولا باجماع، ولا بقول صاحب، ولا بقياس، ولا برأي له وجه، ولا باحتياط.
وبالله تعالى نتأيد.
فقالت طائفة: لا كفارة على مفطر في رمضان بوطئ ولا بغيره.
روينا بأصح إسناد عن الحجاج بن المنهال: ثنا أبو عوانة عن المغيرة هو ابن مقسم عن إبراهيم النخعي، في رجل أفطر يوما من رمضان، قال: يستغفر الله ويصوم يوما مكانه.
وعن الحجاج بن المنهال عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان، وأيوب السختياني، وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، قال حماد: عن إبراهيم النخعي، وقال أيوب، وحبيب، وهشام كلهم: عن محمد بن سيرين، ثم اتفق إبراهيم، وابن سيرين، فيمن وطئ عمدا في رمضان: أنه يتوب إلى الله تعالى، ويتقرب إليه ما استطاع، ويصوم يوما مكانه (2).
ورويناه أيضا من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين، فيمن أكل يوما من رمضان عامدا، قال: يقضى يوما ويستغفر الله.
ومن طريق الحجاج بن المنهال: ثنا جرير بن حازم حدثني يعلي بن حكيم قال:
سألت سعيد بن جبير عن رجل وقع بامرأته في رمضان: ما يكفره؟ فقال: ما ندري ما يكفره! ذنب أو خطيئة يصنع (3) الله تعالى به فيه ما يشاء، ويصوم يوما مكانه.
ومن طريق حجاج بن المنهال: ثنا أبو عوانة عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي أنه قال فيمن أفطر يوما من رمضان: لو كنت أنا لصمت يوما مكانه.