وليس موضعا للفطر أصلا، فلا معنى لنية الصوم فيه إذ لابد منه.
قال على: وهذه حجة عليه، مبطلة لقوله، لأنه لما كان موضعا للصوم لا للفطر أصلا وجب أن ينوى ما افترض الله تعالى عليه (1) من العبادة بذلك الصوم، وأن يخلص النية لله تعالى فيها (2)، ولا يخرجها مخرج الهزل واللعب.
ووجه آخر: وهو أن شهر رمضان أمرنا بأن نجعله وقتا للصوم، ونهينا فيه عن الفطر، الا حيث جاءنا النص بالفطر فيه، فهو وقت للطاعة ممن (3) أطاع بأداء ما أمر به، ووقت والله للمعصية العظيمة (4) فمن عصى الله تعالى فيه وخالف أمره عز وجل فلم يصمه كما أمر، فإذ هو كذلك يقينا بالحس والمشاهدة فلابد ضرورة من قصد إلى الطاعة (6) المفروضة، وترك المعصية المحرمة، وهذا لا يكون الا بنية لذلك. (7) وهذا في غاية البيان والحمد لله.
ووجه ثالث: وهو أنه يلزم على هذا القول أن من لم يبق له من وقت صلاة الصبح الا مقدار (8) ركعتين فصلى ركعتين تطوعا أو عابثا أن يجزئه ذلك من صلاة الصبح، لان ذلك الوقت وقت لها، لا لغيرها أصلا، وهذا هو القياس: إن كان القياس حقا!.
وما علمنا لأبي حنيفة حجة أصلا في تلك التقاسيم الفاسدة السخيفة! الا أن بعض من ابتلاه الله بتقليده موه في ذلك بحديث نذكره في المسألة التالية، لأنه موضعه، (9) وليس في هذا الخبر متعلق لأبي حنيفة أصلا، بل قد نقض أصله، (10) فأوجب فيه نية، بخلاف قوله في الطهارة، ثم أوجبها في النهار بلا دليل!.
وما نعرف لمالك حجة أصلا، الا أنهم قالوا: رمضان كصلاة واحدة.
قال أبو محمد: وهذه (11) مكابرة بالباطل، لان الصلاة الواحدة لا يحول بين أعمالها بعمد ما ليس منها أصلا، وصيام رمضان يحول بين كل يومين منه ليل يبطل فيه الصوم جملة ويحل فيه الأكل والشرب والجماع، فكل يوم له حكم غير حكم اليوم (12)