يلزم منه وقوع الاعتكاف كما لو قلت كان زيد إن جاء أكرمته لا يلزم وقوع المجئ منه بل الماضي مضمون الجملة الخبرية بجملتها ومضمونها حصول الجزاء عند الشرك وفعل الشرط قيد فيها لا بعض منها ولا من مدلولها وإذا وإن دلت على تحقيق ما دلت عليه أو رجحانه فلا يلزم التحقق في الخارج بل في الذهن فإذا قلت زيد أكرمته فمعنى التحقق أن المتكلم تحقق أنه سيقع هذا الشرط ول يلزم مطابقة هذا التحقق للخارج لجواز عدم المطابقة وقول عائشة كان إذا اعتكف عائشة تحقق أن الاعتكاف سيقع في المستقبل فليس دالا على أنه وقع وإذا كان كذلك فلا دلالة له على وقوع الفعل منه صلى الله عليه وسلم حال ورود هذا الحديث ولا قبله من هذا اللفظ فإن قيل تحقق عائشة أنه سيقع يغلب على الظن وقوعه فحينئذ تصير الدلالة خارجة عن اللفظ هذا كلام الشيخ بهاء الدين وألف والده الشيخ تقي الدين في الجواب عن ذلك مؤلفا سماه قدر الامكان المختطف في دلالة كان إذا اعتكف قال فيه قول عائشة كان إذا اعتكف ادعى بعض الفضلاء أنه لا يدل على وقوع الاعتكاف وادعى آخرون أنه يدل وآن دلالته على ذلك ضرورية واختلف هؤلاء في المأخذ فمنهم من أخذه من إذا وأنها لا تدخل إلا على المعلوم ومنهم من أخذه من كان والذي أقول بعون الله انه يدل على وقوع الجزاء مطابقة وأما الشرط قيل له التزاما لا مطابقة وأن دلالته على ذلك من كان لا من إذا وحدها قطعا ولا من إذا مع كان على الظاهر وأما منع الدلالة على ذلك رأسا فتنكره الطباع ولا يتردد أحد في فهم ذلك من الحديث المذكور ومن مثل قوله كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك وكان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن وكان إذا تعار من الليل يقول وكان إذا نام نفخ وكان إذا سجد جحا وأشباه ذلك قال فإن قلت ما سبب فهم ذلك قلت بحثت فيه مع جماعة من الفضلاء فلم يفصحوا فيه بشئ ويكتفون بمجرد الفهم ومنهم من يكتفي بالفهم ولا يزيد عليه ومنهم من يقول هو من تسويغ الاخبار إذ لو تعلم بذلك لما كان لها أن تخبر ومنهم من يقول قد يكون هذا من المعاني التي تفهم من المركبات من غير أن يكون للمفردات دلالة عليها حين الافراد ومنهم من لا يصل ذهنه إلى شئ من ذلك ولعمري أن مانع الدلالة أقرب إلى العذر من المنكر عليه في العلم لأن المانع متمسك بقواعد العلم في مدلولات الألفاظ غافل عن نكتة خفية والمنكر عليه إنما معه من التمسك فهم يشاركه فيه العوام فلا حمد له في ذلك وإنما يحمد على أخذ المعاني من القواعد العلمية وحق على طالب العلم أن يستعمل القواعد ويعرض المبحوث فيه عليها ثم يراجع نفسه وفهمه بحسب طبعه الأصلي وما يفهمه عموم الناس ثم يوازن بينهما مرة بعد أخرى حتى يتبين له الحق فيه كما يعرض الذهب على المحك ويعلقه ثم يعرضه حتى يتخلص والذي أقوله ان الجملة الاستقبالية إذا وقعت خبرا لكان انقلبت ماضية المعنى لدلالة كان على اقتران مضمون الخبر بالزمان الماضي فكان تدل على وقوع جزاء الشرط وهو ادناء رأسه صلى الله عليه وسلم في الزمان الماضي عن قول عائشة وإن كان مستقبلا عن ابتداء كونه صلى الله عليه وسلم الذي دلت عليه كان ودلالته على ذلك مطابقة ان جعلنا المحكوم به في الجملة الشرطية مقيدا بالشرط وإن جعلنا المحكوم به النسبة لزم أيضا لأن النسبة بين الشيئين متأخرة عنهما فتستلزم وجودهما فتكون الدلالة على الجزاء بالاستلزام وأما الدلالة على الشرط فبالاستلزام على كل تقدير ثم بسط الكلام
(٢٩٨)