وصححه النووي ونقل القاضي حسين في تعليقه أن للطاعات يوم القيامة ريحا يفوح قال فرائحة الصيام فيها بين العبادات كالمسك فائدة قال النووي في شرح المهذب كان وقع نزاع بين الشيخ أبي عمرو بن الصلاح والشيخ أبي محمد بن عبد السلام في أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة أم في الآخرة خاصة فقال بن عبد السلام في الآخرة خاصة لأن في رواية لمسلم أطيب عند الله من ريح المسك يوم القيامة وقال بن الصلاح هو عام في الدنيا والآخرة واستدل بأشياء كثيرة منها ما في رواية لابن حبان لخلوف فم الصائم حين يخلف أطيب عند الله من ريح المسك وروى الحسن بن سفيان في مسنده من حديث جابر أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا قال وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك حسنه أبو بكر السمعاني في أماليه وكل واحد من الحديثين صريح بأنه في وقت وجود الخلوف في الدنيا متحقق وصفه بكونه أطيب عند الله من ريح المسك قال وقد قال العلماء شرقا وغربا معنى ما ذكرته في تفسيره قال الخطابي طيبه عند الله رضاه به وثناؤه وقال بن عبد البر معناه أزكى عند الله وأقرب إليه وأرفع عنده من ريح المسك وقال البغوي في شرح السنة معناه الثناء على الصائم والرضا بفعله وكذا قاله القدوري إمام الحنفية في كتابه في الخلاف معناه أفضل عند الله من الرائحة الطيبة ومثله قال البوني من قدماء المالكية وكذا قاله أبو عثمان الصابوني وأبو بكر السمعاني وأبو حفص بن الصفار الشافعيون في أماليهم وأبو بكر بن العربي المالكي فهؤلاء أئمة المسلمين شرقا وغربا لم يذكروا سوى ما ذكرته ولم يذكر أحد منهم وجها بتخصيصه بالآخرة مع أن كتبهم جامعة للوجوه المشهورة والغريبة ومع أن الرواية التي فيها ذكر يوم القيامة مشهورة في الصحيح بل جزموا بأنه عبارة عن الرجاء والقبول ونحوهما مما هو ثابت في الدنيا والآخرة وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية فلانه يوم الجزاء وفيه يظهر رجحان الخلوف في الميزان على المسك المستعمل لدفع الرائحة الكريهة طلبا لرضا الله حيث يؤمر باجتنابها واجتلاب الرائحة الطيبة كما في المساجد والصلوات وغيرها من العبادات فخص يوم القيامة بالذكر في رواية لذلك كما خص في قوله تعالى إن ربهم بهم يومئذ لخبير وأطلق في باقي الروايات نظرا إلى أن أصل أفضليته ثابت في الدارين انتهى إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي لأحمد من طريق إسحاق بن الطباع عن مالك قبله يقول الله عز وجل وفي فوائد سمويه يترك شهوته من الطعام والشراب
(٢٩٤)