وكيف يجمع بين الروايات ذكروا فيه وجوها منها أن الله تعالى يعطي ما شا من شاء فيزيد وينقص كما يبسط الرزق ويدر ومنها أن الاجر يتفاوت بالتفاوت في رعاية الأدب والخشوع ومنها أن التفاوت يقع بحس قلة الجمعة وكثرتها أو يتفاوت حال الإمام أو فضيلة المسجد وقال النووي في شرح مسلم الجمع بين رواية سبع وعشرين وخمس وعشرين من ثلاثة أوجه أحدها أنه لا منافاة بينهما فذكر القليل لا ينفي الكثير ومفهوم العدد باطل عند جمهور الأصوليين والثاني أن يكون أخبر أولا بالقليل ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها الثالث أنه يختلف باختلاف المصلين والصلاة فيكون لبعضهم سبع وعشرون ولبعضهم خمس وعشرون بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيئتها وخشوعها وكثرة جماعتها وفضلهم وشرف البقعة ونحو ذلك فهذه هي الأجوبة المعتمدة وقد قيل إن الدرجة غير الجزء وهذا غفلة من قائله فإن في الصحيحين سبعا وعشرين درجة خمسا وعشرين درجة فاختلف القدر مع اتحاد لفظ الدرجة وقال الشيخ سراج الدين البلقيني ظهر لي في هذين العددين شئ لم أسبق إليه لأن لفظ بن عمر صلاة الجماعة ومعناه الصلاة في الجماعة كما وقع في حديث أبي هريرة صلاة الرجل في الجماعة وعلى هذا فكل واحد من المحكوم له بذلك صفى في جماعة وأدنى الاعداد التي يتحقق فيها ذلك ثلاثة حتى يكون كل واحد صلى في جمعة وكل واحد منهم أتى بحسنة وهي بعشرة فيحصل من مجموعه ثلاثون فاقتصر في الحديث على الفضل الزائد وهو سبعة وعشرون دون الثلاثة التي هي أصل ذلك انتهى قلت وأخرج بن أبي شيبة في المصنف عن بن عباس قال فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس وعشرون درجة فإن كانوا كثر فعلى عدد من في المسجد فقال رجل وإن كانوا عشرة آلاف قال نعم وإن كانوا أربعين ألفا وأخرج عن كعب قال علي عدد من في المسجد وهذا يدل على أن التضعيف المذكور مرتب على أقل عدد تحصل به الجماعة وأنه يزيد بزيادة المصلين (289) عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزأ قال بن عبد البر هكذا هو في الموطأ عند جماعة الرواة ورواه جويرية بن أسماء عن مالك باسنده فقال فضل صلاة الجماعة على صلاة أحدكم خمس وعشرون صلاة ورواه عبد الملك بن زياد النصيبي ويحيى بن محمد بن عباد عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ورواه الشافعي وروح بن عبادة وعمار بن مطر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
(١٥٠)