و (حلف) حينئذ لاحتمال تجلده (وأخذ دية) لسمعه. قال الماوردي: ولا بد في يمينه من التعرض لذهاب سمعه بجناية الجاني لجواز ذهابه بغير جنايته، ثم إذا ثبت زواله قال الماوردي: يراجع عدول الأطباء، فإن نفوا عوده وجبت الدية في الحال، وإن جوزوا عوده إلى مدة معينة يعيش إليها انتظرت، فإن عاد فيها لم تجب الدية وإلا وجبت.
تنبيه: لو ادعى الزوال من إحدى الاذنين حشيت السليمة وامتحن في الأخرى على ما سبق. (وإن نقص) سمع المجني عليه (فقسطه) أي النقص من الدية (إن عرف) قدر ما ذهب بأن كان يسمع من مكان كذا فصار يسمع من قدر نصفه مثلا، وطريق معرفة ذلك أن يحدثه شخص ويتباعد إلى أن يقول لا أسمع فيعلي الصوت قليلا، فإن قال: أسمع، عرف صدقه ثم يعمل كذلك من جهة أخرى، فإن اتفقت المسافتان ظهر صدقه، ثم ينسب ذلك من مسافة سماعه قبل الجناية إن عرف ويجب بقدر من الدية، فإن كان التفاوت نصفا وجب نصف الدية (وإلا) بأن لم يعرف قدره بالنسبة (فحكومة) تجب فيه (باجتهاد قاض) في الأصح المنصوص لأنه لا يمكن تقديره (وقيل يعتبر سمع قرنه) وهو بفتح القاف وسكون الراء: من له مثل سنه (في صحته) كأن يجلس القرن بجنبه ويناديهما رفيع الصوت من مسافة لا يسمعه واحد منهما، ثم يقرب المنادي شيئا فشيئا إلى أن يقول قرنه سمعت، ثم يضبط ذلك الموضع، ثم يرفع صوته من هذا الموضع شيئا فشيئا حتى يقول المجني عليه سمعت (ويضبط التفاوت) بين سمعيهما ويؤخذ بنسبته من الدية، فلو قال المجني عليه: أنا أعرف قدر ما ذهب من سمعي. قال الماوردي: صدق بيمينه لأنه لا يعرف إلا من جهته كالحيض، ولعله فيما إذا لم يمكن معرفته بالطريق المتقدم، وأما القرن - بكسر القاف - فهو الكفء (وإن نقص) سمع المجني عليه (من أذن) واحدة (سدت) هذه الناقصة (وضبط منتهى سماع الأخرى ثم عكس) بأن تسد الصحيحة ويضبط منتهى سماع الناقصة (ووجب قسط التفاوت) ويؤخذ قسطه من الدية، فإن كان بين مسافة السميعة والأخرى النصف فله ربع الدية، لأنه أذهب ربع سمعه، وإن كان الثلث عليه سدس الدية وهكذا، فإن لم ينضبط فالواجب حكومة. قال الرافعي: بالاتفاق. الشئ الثالث هو ما ذكره بقوله:
(وفي) إذهاب (ضوء) أي بصر (كل عين) صغيرة أو كبيرة، حادة أو كآلة، صحيحة أو عليلة، عمشاء أو حولاء من شيخ أو طفل حيث البصر سليم (نصف دية) وفي العينين الدية، لخبر معاذ: في البصر الدية وهو غريب ولأنه من المنافع المقصودة.
فائدة: البصر عند الحكماء قوة أودعها الله في العصبتين المجوفتين الخارجتين من مقدم الدماغ ثم تنعطف معصبة التي من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى، والتي من اليسرى إلى اليمنى حتى يتلاقيا، ثم تأخذ التي من الجهة اليمنى يمينا، والتي من جهة اليسرى يسارا حتى تصل كل واحدة إلى عين تدرك بتلك القوة الألوان وغيرها. وأما عند أهل السنة فإدراك ما ذكر بمشيئة الله تعالى على معنى أن الله تعالى يخلق إدراك ما ذكر في نفس العبد عند استعماله تلك القوة. (فلو فقأها لم يزد) على نصف الدية، كما لو قطع يده بخلاف إزالة الاذن مع السمع لما مر (وإن ادعى) المجني عليه (زواله) أي الضوء وأنكر الجاني (سئل أهل الخبرة) بذلك: أي عدلان منهم مطلقا، أو رجل وامرأتان إن كان خطأ أو شبه عمد، فإنهم إذا أوقفوا الشخص في مقابلة عين الشمس ونظروا في عينه عرفوا أن الضوء ذاهب أو موجود، بخلاف السمع لا يراجعون فيه إذ لا طريق لهم إليه ثم أشار إلى طريق آخر في معرفة زواله بقوله (أو يمتحن) المجني عليه (بتقريب عقرب أو حديدة) محماة أو نحو ذلك (من عينيه بغتة ونظر هل ينزعج) أو لا؟ فإن