التسعة (الباقين الباقي) من ديته، وهو تسعة أعشارها على كل منهم عشرها لأنه مات بفعله وفعلهم فسقط ما قابل فعله لأنه غير مضمون.
تنبيه: صورة المسألة فيمن مد معهم الحبال ورمى بالحجر، أما من أمسك خشبة المنجنيق إن احتيج إلى ذلك أو وضع الحجر في الكفة ولم يمد الحبال فلا شئ عليه لأنه متسبب والمباشر غيره، قاله الماوردي والمتولي وغيرهما.
واستثنى البلقيني من الوجوب على العاقلة ما لو حصل ذلك بأمر صنعه رفقاؤه وقصدوا الرفيق المذكور لسقوطه عليه وغلبت إصابته فهو عمد لا تحمله العاقلة بل هو في أموالهم ولا قصاص عليهم لأنهم شركاء مخطئ قال: ولم ينبه عليه أحد وكأنهم تركوه لأنه لا يتصور عندهم ونحن صورناه فلا خلاف بيننا وبينهم (أو) قتل حجر المنجنيق (غيرهم) أي الرماة (ولم يقصدوه) أي الغير (فخطأ) قتله يوجب الدية المخففة على العاقلة (أو قصدوه فعمد في الأصح) قتله يوجب القصاص عليهم: أي الدية المغلظة في مالهم (إن غلبت الإصابة) منهم لانطباقه حينئذ على حد العمد.
والثاني شبه عمد لأنه لا يتحقق قصد معين بالمنجنيق، والأول يمنع هذا، واحترز المصنف بقوله: إن غلبت الإصابة عما إذا لم تغلب إصابتهم بأن غلب عدمها أو استوى الأمران فإنه شبه عمد.
تتمة: لو قصدوا غير معين كأحد الجماعة كان شبه عمد، وإنما لم يكن عمدا، لأن العمد يعتمد قصد العين بدليل أنه لا قصاص على الآمر في قوله: اقتل أحد هؤلاء وإلا قتلتك فقتل أحدهم لأنه لم يقصد عينه.
فصل: في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله، وأشار إلى ذلك بقوله: (دية الخطأ وشبه العمد) في الأطراف ونحوها، وكذا في نفس غير القاتل نفسه، وكذا الحكومات والغرة (تلزم العاقلة) لا الجاني كما مر أول كتاب الديات، وذكرها هنا توطئة لما بعده، وشبه العمد من زيادة الكتاب على المحرر، فإنه ذكر الخطأ فقط، ولو عكس كان أولى.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن الوجوب لا يلاقي الجاني أولا بل يلاقي العاقلة ابتداء، والأصح المنصوص أنه يلاقيه ابتداء ثم يتحملونها إعانة له كقضاء دين من غرم لاصلاح ذات البين. قال العلماء: وتغريم غير الجاني خارج عن القياس، لكن الجاهلية كانوا يمنعون من جنى منهم من أولياء القتيل أن يدنو منه ويأخذوا بثأرهم، فجعل الشارع بدل تلك النصرة بذل المال، وخص ذلك بالخطأ وشبه العمد لكثرتهما، سيما في حق من يتعاطى حمل السلاح فأعين كيلا يفتقر بالسبب الذي هو معذور فيه، وإنما يلزمهم ذلك إذا كانت بينة بالخطأ أو شبه العمد أو اعترف به فصدقوه وإن كذبوه لم يقبل إقراره عليهم، لكن يحلفون على نفي العلم، فإذا حلفوا وجب على المقر، وهذا حينئذ مستثنى من كلام المصنف ولا يقبل إقراره على بيت المال. أما إذا قتل نفسه، فالمشهور أنه لا يجب على العاقلة شئ، هذا كله إذا كان القاتل حرا، فإن كان مبعضا وقتل خطأ تحملت العاقلة نصف الدية كما ذكره الرافعي في آخر الباب عن فتاوى البغوي، وشبه العمد كالخطأ في ذلك. وجهات تحمل الدية ثلاثة: قرابة وولاء وبيت مال لا غيرها كزوجية ومحالفة وقرابة ليست بعصبة، ولا العديد الذي لا عشيرة له فيدخل نفسه في قبيلة ليعد منها. وقد ذكر المصنف جهات التحمل على هذا الترتيب، وقد شرع في أولها بقوله: (وهم عصبته) أي الجاني الذين يرثونه بالنسب أو الولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين لما في خبر المرأتين السابق أوائل كتاب الديات في رواية، وأن العقل على عصباتها. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: ولا أعلم مخالفا أن العاقلة العصبة، وهم القرابة من قبل الأب. قال: ولا أعلم مخالفا في أن المرأة والصبي وإن أيسرا لا يحملان شيئا، وكذا المعتوه عندي اه. ثم استثنى المصنف من العصبة أصل الجاني وفرعه فقال : (إلا الأصل) من أب وإن علا (و) إلا (الفرع) من ابن وإن سفل لأنهم أبعاضه، فكما لا يتحمل الجاني لا يتحمل أبعاضه، وروى النسائي لا يؤخذ الرجل بجريرة أي جريمة ابنه وفي رواية لأبي داود في خبر المرأتين السابق: