عبد (كاتباه معا أو وكلا) من كاتبه أو وكل أحدهما الآخر، (صح إن اتفقت النجوم) جنسا وصفة وعددا وأجلا. وفي هذا إطلاق النجم على المؤدى لقوله: (وجعل المال) المكاتب عليه (على نسبة ملكيهما) سواء صرحا باشتراط ذلك أم لا لئلا يؤدي إلى انتفاع أحدهما بمال الآخر.
تنبيه: قوله: نسبة ملكيهما يفهم أنه لا يشترط تساوي الشريكين في ملك العبد الذي يكاتبانه وهو الصحيح، وأنه متى اختلفت النجوم أو شرطا التفاوت في النجوم مع تساويها في الملك أو بالعكس لم يصح، وهو كذلك. (فلو عجز) العبد (فعجزه أحدهما) وفسخ الكتابة (وأراد الآخر إبقاءه) العقد، (فكابتداء عقد) فلا يجوز بغير إذن الشريك الآخر على المذهب، ولا بإذنه على الأظهر كما في الروضة لما مر. (وقيل: يجوز) بالاذن قطعا، لأن الدوام أقوى من الابتداء.
تنبيه: تعبير المصنف عن هذه الطريقة بقيل مخالف لاصطلاحه، وإن كان الأصحاب كما قال الرافعي يتوسعون في جعل طرق الأصحاب أوجها. (ولو أبرأ) واحد ممن كاتبا العبد معا (من نصيبه) من النجوم (أو أعتقه) أي نصيبه من العبد، (عتق نصيبه) منه تنزيلا له منزلة الابتداء، (وقوم) عليه (الباقي) وسرى العتق عليه وكان الولاء له (إن كان موسرا) أما في العتق فلما مر في بابه، وأما في الابراء فلانه أبرأه من جميع ما يستحقه فأشبه ما لو كاتب جميعه وأبرأه عن النجوم.
تنبيه: كلامه يفهم أن التقويم والسراية في الحال وهو قول، والأظهر أنه أدى نصيب الآخر من النجوم عتق عنه والولاء بينهما. وإن عجز وعاد إلى الرق فحينئذ يسري ويقوم ويكون كل الولاء له، وإن كان معسرا فلا يقوم عليه. وخرج بالابراء والاعتاق ما لو قبض نصيبه فلا يعتق وإن رضي الآخر بتقديمه، إذ ليس له تخصيص أحدهما بالقبض، وإن مات قبل التعجيز والأداء مات مبعضا. وإن ادعى أنه وفاهما وصدقه أحدهما وحلف الآخر عتق نصيب المصدق ولم يسر، وللمكذب مطالبة المكاتب بكل نصيبه أو بالنصف منه ويأخذ نصف ما بيد المصدق ولا يرجع به المصدق وترد شهادة المصدق على المكذب. وإن ادعى دفع الجميع لأحدهما فقال له: بل أعطيت كلا منا نصيبه عتق نصيب المقر ولم تقبل شهادته على الآخر وصدق في أنه لم يقبض نصيب الآخر بحلفه، ثم للآخر أن يأخذ حصته من المكاتب إن شاء أو يأخذ من المقر نصف ما أخذ ويأخذ النصف الآخر من المكاتب، ولا يرجع المقر بما غرمه على المكاتب كما مر نظيره.
فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة وما يسن له وما يحرم عليه وبيان حكم ولد المكاتبة وغير ذلك: (يلزم السيد) بعد صحة كتابة رقيقه (أن يحط عنه جزءا من المال) المكاتب عليه، (أو يدفعه إليه) بعد أخذ النجوم ليستعين به، لقوله تعالى: * (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) * فسر الايتاء بما ذكر، وظاهر الامر الوجوب، وإنما خرجنا عنه في الكتابة لدليل، ولم يقم دليل على حمل الايتاء على الاستحباب فيعمل بما اقتضاه الظاهر.
تنبيه: الألف واللام في المال للعهد، أي مال الكتابة، فأفهم أنه يحط عنه جزءا آخر من المال المعقود عليه، أو يدفع إليه جزءا منه بعد قبضه. والأول ظاهر، وأما الثاني فالأصح أنه لا يتعين ذلك، وإنما يتعين أن يكون من جنسه، فإن أعطاه من غير جنسه لم يلزمه قبوله ولكن يجوز، وإن كان من جنسه وجب قبوله، فإن مات السيد ولم يؤته لزم الوارث أو وليه الايتاء، فإن كان النجم باقيا تعين منه وقدم على الدين، وإن تلف النجم قدم الواجب على