مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٦٨
(إن بقي) فيه (حياة مستقرة) إلا أن إيجاب الدية فيه إنما يظهر إن فرضت الحياة المذكورة بعد سلخه اه‍. (و) مات بسبب آخر غير السلخ كأن حز غير السالخ رقبته) بعد السلخ فيجب على الجاني القصاص، لأنه أزهق روحه وعلى السالخ الدية، ومثل حز غير السالخ ما لو انهدم عليه حائط أو نحوه، فإن مات بسبب السلخ أو لم يمت لكن حز السالخ رقبته فالواجب حينئذ دية النفس إن عفا عن القود.
تنبيه: عبارته توهم أنه لا يتصور حز الرقبة من غيره وليس مرادا بل يتصور منه أيضا بأن تكون إحدى الجنايتين عمدا والأخرى خطأ أو شبه عمد فإن الأصح أنهما لا يتداخلان.
تتمة: في كسر الترقوة، وهو بفتح التاء: العظم المتصل بين المنكب وتغرة النحر حكومة كسائر العظام، وقيل:
الواجب فيها جمل لما روي عن عمر أنه قضى بذلك، وحمله الأولى على أن الحكومة كانت في الواقعة قدر جمل. ولكل أحد ترقوتان، والجمع تراق كما قال تعالى: * (كلا إذا بلغت التراقي) * والضمير في بلغت للنفس وإن لم يجر لها ذكر، لأن الكلام يدل عليها كما قال حاتم:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فائدة: روي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما احتضر جلست ابنته عائشة رضي الله تعالى عنها عند رأسه تبكيه وتكرر هذا البيت ففتح عينيه، وقال لا تقولي هكذا ولكن قولي * (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) * وكذلك كان يقرأ الآية، وهي كذلك في مصحف ابن مسعود. ثم شرع في القسم الثالث وهو إزالة المنافع بالجناية وترجم لذلك بقوله:
فرع: وترجم في المحرر بفصل وهو أولى، وهي أربعة عشر شيئا، وأنا أسردها لك: عقل، سمع، بصر، شم، نطق، صوت، ذوق، مضغ، إمناء، إحبال، جماع، إفضاء، بطش، مشي. الشئ الأول هو ما ذكره بقوله:
(في العقل) أي إزالته إن لم يرج عوده بقول أهل الخبرة في مدة يظن أنه يعيش إليها ويجري ذلك في السمع والبصر ونحوهما (دية) كما جاء في خبر عمرو بن حزم. وقال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على ذلك لأنه أشرف المعاني وبه يتميز الانسان عن البهيمة. قال الماوردي وغيره: والمراد العقل الغريزي الذي به التكليف دون المكتسب الذي به حسن التصرف ففيه حكومة. فإن رجي عوده في المدة المذكورة انتظر، فإن عاد فلا ضمان كما في سن من لم يثغر. وفي إزالته بعضه بعض الدية بالقسط إن ضبط بزمان كأن كان يجن يوما ويفيق يوما أو يغيره كأن يقابل صواب قوله وفعله بالمحتل منهما وتعرف النسبة بينهما، فإن لم ينضبط فحكومة يقدرها الحاكم باجتهاده، فإن مات في أثناء المدة المقدر عوده فيها وجبت ديته كما جزم به الجرجاني وغيره، وقال في الروضة نقلا عن المتولي: فإن توقع عوده فيتوقف في الدية فإن مات قبل الاستقامة ففي الدية وجهان: كما لو قلع سن مثغور فمات قبل عودها، وقوله: سن مثغور صوابه كما قال الأذرعي وغيره: سن غير مثغور فإنه الذي ذكره المتولي، وإن كان الموافق للمنقول: أي من حيث الحكم ما عبر به ، فالمشاححة إنما هي في نسبة ذلك إلى المتولي، لا في الحكم كما توهمه بعضهم.
تنبيه: اقتصار المصنف على الدية يقتضي عدم وجوب القصاص فيه وهو المذهب للاختلاف في محله، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في باب أسباب الحدث، فقيل القلب، وقيل الدماغ، وقيل مشترك بينهما، والأكثرون على الأول، وقيل مسكنه الدماغ وتدبيره في القلب. ويسمى عقلا، لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك، ولا يزاد شئ على دية العقل إن زال بما لا أرش له كأن ضرب رأسه أو لطمه لكن يعزر على الأصح (فإن زال) العقل الغريزي (بجرح له أرش) مقدر كالموضحة (أو حكومة) كالباضعة (وجبا) أي الدية والأرش أو هي والحكومة، ولا يندرج ذلك في دية العقل لأنها جناية أبطلت منفعة غير حالة في محل الجناية فكانت كما لو أوضحه فذهب سمعه أو بصره ، وكما لو انفردت الجناية عن زوال العقل، فعلى هذا لو قطع يديه ورجليه فزال عقله لزمه ثلاث ديات (وفي قول) قديم
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548