مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٥٨
العرض دون المال، ولو سمع الإمام رجلا يقول: زنيت برجل، لم يقم عليه الحد لأن المستحق مجهول ولا يطالبه بتعيينه لأن الحد يدرأ بالشبهة، وإن سمعه يقول: زنى فلان، لزمه أن يعلم المقذوف في أصح الوجهين لأنه ثبت له حق لم يعلم: فعلى الإمام إعلامه كما لو ثبت له عنده مال لم يعلم به.
كتاب قطع السرقة لو قال كتاب السرقة كما فعل في الزنا لكان أخصر وأعم لتناوله أحكام نفس السرقة، وهي بفتح السين وكسر الراء، ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها، ويقال أيضا السرق - بكسر الراء - لغة: أخذ المال خفية، وشرعا أخذه خفية ظلما من حرز مثله بشروط تأتي والأصل في القطع بها قبل الاجماع قوله تعالى * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * والاخبار الشهيرة، ولما نظم أبو العلاء المعري البيت الذي شكك على الشريعة في الفرق بين الدية والقطع في السرقة، وهو:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار أجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله:
وقاية النفس أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري وهو جواب بديع مع اختصار، ومعناه أن اليد لو كانت تودي بما قطع فيه لكثرت الجنايات على الأطراف لسهولة الغرم في مقابلتها فغلظ الغرم حفظاها. وقال ابن الجوزي: لما سئل عن هذا لما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت. وأركان القطع ثلاثة: مسروق وسرقة وسارق، وبدأ بشروط الأول، فقال: (يشترط لوجوبه) أي القطع (في المسروق أمور) الأول (كونه ربع دينار) فأكثر ولو كان الربع لجماعة لخبر مسلم: لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا. ثم وصف ربع الدينار بكونه (خالصا) لأن الربع المغشوش ليس بربع دينار حقيقة، فإن كان في المغشوش ربع خالص وجب القطع. ونبه بقوله (أو قيمته) على أن الأصل في التقويم هو الذهب الخالص حتى لو سرق دراهم أو غيرها قومت به ويعتبر النصاب وقت إخراجه من الحرز، فلو نقصت قيمته بعد ذلك لم يسقط القطع. وقال ابن بنت الشافعي: يقطع بسرقة القليل، ولا يشترط النصاب لعموم الآية، وفي الصحيح: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده. وأجيب عن الآية بأنها مخصوصة بالحديث المار، وعما في الصحيح بأجوبة: أحدها ما قاله الأعمش كانوا يرون أنها بيضة الحديد، والحبل يساوي دراهم كحبل السفينة، ورواه البخاري عنه. الثاني حمله على جنس البيض والحبال. الثالث أن المراد أن ذلك يكون سببا وتدريجا من هذا إلى ما تقطع فيه يده.
تنبيه: يعتبر في التقويم القطع مع أن الشهادة لا تقبل وإن كان مستندها الظن (و) على أن التقويم يعتبر بالمضروب (لو سرق ربعا) من دينار (سبيكة) هو صفة ربعا على تأويل بمسبوكا، وبذلك اندفع ما قيل إنه لا يصح أن يكون صفة لربعا لاختلافهما بالتذكير والتأنيث أو حليا أو نحوه كقراضة (لا يساوي ربعا مضروبا فلا قطع) به (في الأصح) وإن ساواه غير مضروب لأن المذكور في الخبر لفظ الدينار وهو اسم لمضروب، والثاني ينظر إلى الوزن فيقطع ولا حاجة لتقويمه لبلوغ عين الذهب قدر النصاب كما في الزكاة. قال الأذرعي: وهذا قول الجمهور. وقال البلقيني: إنه ظاهر نصوص الشافعي. وقال الشيخ أبو حامد: لا يختلف فيه المذهب، ومع هذا فالمعتمد ما جرى
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548