شخص (يده) أي العبد (فعتق فجرحه آخران) مثلا كأن قطع أحدهما يده الأخرى، والآخر إحدى رجليه (ومات بسرايتهم) الحاصلة من قطعهم (فلا قصاص على الأول إن كان حرا) لعدم المكافأة حال الجناية (ويجب على الآخرين) قصاص الطرف قطعا وقصاص النفس على المذهب لأنهما كفاءان، وسقوطه عن الأول لمعنى فيه فأشبه شريك الأب.
تنبيه: سكت المصنف عن الدية فيما إذا عفا عن الآخرين، ويجب حينئذ دية حر موزعة على الجنايات الثلاث كل واحد ثلثها، لأن جرحهم صار قتلا بالسراية، ولا حق للسيد فيما يجب على الآخرين، وإنما يتعلق بما يؤخذ من الجاني عليه في الرق لأنه الجاني على ملكه والآخران جنيا على حر، وفيما يستحقه منه القولان في الصورة المذكورة قبلها، فعلى الأول للسيد أقل الأمرين من ثلث الدية ومن أرش القطع في ملكه وهو نصف القيمة، وعلى الثاني أقل الأمرين من ثلث الدية وثلث القيمة. قال ابن شهبة: وقد وقع هنا لابن الملقن في شرحيه وهم، وجرى عليه الأذرعي فاحذره اه.
تتمة: لو قطع حر يد عبد فعتق فحز آخر رقبته بطلت السراية، فعلى الأول نصف القيمة للسيد، وعلى الثاني القصاص أو الدية كاملة للوارث، فإن قطع الثاني يده الأخرى بعد العنق ثم حزت رقبته، فإن حزها ثالث بطلت سراية القطعين، فعلى الأول نصف القيمة للسيد، وعلى الثاني القصاص في اليد أو نصف الدية للوارث، وعلى الثالث القصاص في النفس أو الدية كاملة للوارث، وإن حزه القاطع أولا قبل الاندمال لزمه القصاص في النفس، فإن قتل به سقط حق السيد، وإن عفا عنه الوارث وجبت الدية، وللسيد منها الأقل من نصفها ونصف القيمة، أو حزه بعد الاندمال فعليه نصف القيمة للسيد، وقصاص النفس أو الدية كاملة للوارث، وعلى الثاني نصف الدية وإن حزه الثاني قبل الاندمال أو بعده فلا يخفى الحكم.
فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني وفي إسقاط الشجاع وغير ذلك (يشترط لقصاص الطرف) وهو بفتح الراء ما له حد ينتهي إليه كأذن ويد ورجل (و) لقصاص (الجرح) بضم الجيم ولغيرهما مما دون النفس (ما شرط للنفس) من كون الجاني مكلفا ملتزما، وكونه غير أصل للمجني عليه، وكون المجني عليه معصوما ومكافئا للجاني، ولا يشترط التساوي في البدل كما لا يتشرط في قصاص النفس، فيقطع العبد بالعبد، والمرأة بالرجل وبالعكس، والذمي بالمسلم، والعبد بالحر، ولا عكس، وكون الجناية عمدا عدوانا، ومن أنه لا قصاص إلا في العمد لا في الخطأ وشبه العمد. ومن صور الخطأ: أن يقصد أن يصيب حائطا بحجر فيصيب رأس إنسان فيوضحه، ومن صور شبه العمد: أن يضرب رأسه بلطمة أو بحجر لا يشج غالبا لصغره فيتورم الموضع إلى أن يتضح العظم.
تنبيه: مراد المصنف إلحاق ذلك بالنفس في الجملة، وإلا لو رد عليه بالعصا الخفيفة فإنه عمد في الشجاع، لأنه يوضح غالبا، وهو شبه عمد في النفس لأنه لا يقتل غالبا كما حكاه الرافعي عن التهذيب وغيره، وجزم به في الروضة، وما إذا كان الحجر مما يوضح غالبا فأوضح به وجب قصاص الموضحة، ولو مات منها لم يجب قصاص النفس كما في الشامل عن الشيخ أبي حامد، وقيده الماوردي بما إذا مات في الحال بلا سراية وإلا فيوجبه فيها أيضا، وهو حسن. وما إذا قطع السيد طرف مكاتبه فإنه يضمنه، ولا يضمنه إذا قتله لأن الكتابة تبطل بالموت فيموت على ملك مكاتبه، ولا تبطل بقطع طرفه، وأرشه كسب له فيدفع ذلك له، وهذه المسألة لا نظير لها، وكان ينبغي للمصنف أن يزيد بعد قوله: ما شرط للنفس عند التساوي في الصحة لئلا يرد عليه الطرف الأشل فإنه لا يقطع السليم به، وإن كان كامل الخلق يقتل بالزمن والمقطوع. (و) تقطع الأيدي الكثيرة باليد الواحدة كما (لو) اشترك جمع في قطع: كأن (وضعوا سيفا) مثلا (على يده) أي المجني عليه (وتحاملوا عليه دفعة) أي اليد بتأويل العضو، وفي بعض النسخ