القصاص عليهم بغير اختيارهم ولو قتلوه كلهم أساءوا ووقع القتل موزعا عليهم ورجع كل منهم بالباقي له من الدية، فلو كانوا ثلاثة أخذ كل واحد منهم ثلث حقه وله ثلثا الدية، ولو قتله أجنبي وعفا الوارث على مال اختص بالدية ولي القتيل الأول، وهل المراد دية القتيل أو القاتل، وحكى المتولي فيه وجهين: وفائدتهما فيما لو اختلف قدر الديتين، فعلى الثاني لو كان القتيل رجلا والقاتل امرأة وجب خمسون من الإبل، وفي العكس مائة، والأوجه الوجه الأول كما دل عليه كلامهم في باب العفو عن القود.
فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت بعصمة أو حرية أو إهدار أو بقدر المضمون به إذا (جرح) مسلم أو ذمي (حربيا أو مرتدا) وزاد على المحرر (أو عبد نفسه فأسلم) الحربي أو المرتد أو أمن الحربي (وعتق) العبد (ثم مات بالجرح) أي بسرايته (فلا ضمان) بمال ولا قصاص، لأن الجرح السابق غير مضمون (وقيل تجب دية) مخففة اعتبارا بحال استقرار الجناية، والمراد دية حر مسلم كما سيأتي في المسألة عقبها.
قاعدة: كل جرح أوله غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء، وإن كان مضمونا في أوله فقط فالنفس هدر، ويجب ضمان تلك الجناية، وإن كان مضمونا في الحالين اعتبر في قدر الضمان الانتهاء، ويعتبر في القصاص المكافأة من الفعل إلى الانتهاء. (و) حينئذ (لو رماهما) أي نوع الكافر بصفتين من حرابة وردة ونوع عبد نفسه (فأسلم) الحربي أو المرتد أو أمن الحربي (وعتق) العبد ثم أصابه السهم (فلا قصاص) قطعا لعدم المكافأة في أول أجزاء الجناية (والمذهب وجوب دية مسلم) اعتبارا بحال الإصابة لأنها حال اتصال الجناية والرمي كالمقدمة التي يتسبب بها إلى الجنابة كما لو حفرا بئرا عدوانا وهناك حربي أو مرتد فأسلم ثم وقع فيها فإنه يضمنه، وإن كان السبب مهدرا، وقيل: لا يجب اعتبارا بحال الرمي وهو مذهب أبي حنيفة فإنه الداخل تحت الاختيار، والخلاف مرتب في الشرح على الخلاف فيما إذا أسلم وعتق بعد الجرح وأولى منه بالوجوب، وكان تعبير المصنف فيه بالمذهب لذلك وعبد نفسه أولى بالضمان لأنه معصوم مضمون بالكفارة، وسكت عنه لأنه زاده على المحرر كما مر، فكان ينبغي أن يقول مسلم أو حر وأن يقول رماهم ليعود للثلاثة قبله، وكان يستغنى عن التأويل والتقدير السابقين، والأصح وجوب الدية (مخففة) مضروبة (على العاقلة) لأنها دية خطأ كما رمى إلى صيد فأصاب آدميا، وهذا ما جزم به في المحرر، وقيل: دية شبه عمد، وقيل: عمد، وعكس هذا وهو لو جرح حربي مسلما ثم أسلم الجارح أو عقدت له ذمة، ثم مات المجروح فلا ضمان على الصحيح في زيادة الروضة (ولو ارتد) المسلم (المجروح ومات بالسراية) مرتدا وجارحه غير مرتد (فالنفس هدر) لا قود فيها ولا دية ولا كفارة، سواء أكان الجارح الإمام أم غيره، ولأنه لو قتل حينئذ مباشرة لم يجب فيه شئ فكذا بالسراية، أما إذا كان جارحه مرتدا فإنه يجب عليه القصاص كما مر (و) لكن (يجب قصاص الجرح) إن كان مما يوجب القصاص كالموضحة وقطع الطرف (في الأظهر) لأن القصاص في الطرف منفرد عن القصاص في النفس فهو كما لو لم يسر، والثاني المنع لأن الجراحة صارت نفسا مهدرة، فكذا الطرف واحترز بالسراية عما لو قطع يد مسلم فارتد واندملت يده فله القصاص، وإن مات قبل استيفائه (يستوفيه قريبه المسلم) لأن القصاص للتشفي حتى لو كان القريب ناقصا انتظروا كماله ليستوفي.
تنبيه: لو عبر بالوارث أو لا الردة بدل القريب الشامل لغير الوارث لكان أولى (وقيل) ونسبه ابن كج وغيره للأكثر يستوفيه (الإمام) لأن المرتد لا وارث له فيستوفيه الإمام كما يستوفي قصاص من لا وارث له،