في لغته، فالمعروف كما قال الزركشي القطع بالتكميل (أو) عجز عن بعضها (بجناية فالمذهب لا تكمل دية) في إبطال كلامه، لئلا يتضاعف الغرم في القدر الذي أبطله الجاني الأول، ومقتضى هذا التوجيه تخصيص التصوير بجناية من تضمن جنايته حتى تكون جناية الحربي كالآفة السماوية. قال الأذرعي: ولا أحسبه كذلك.
تنبيه: تعبيره بالمذهب يقتضي إثبات طريقين، وليس في الروضة وأصلها غير خلاف مرتب على الوجهين في المسألة قبلها، أي فإن قلنا بالقسط هناك فهنا أولى بالتكميل هناك فهنا فيه وجهان. وحاصله طريقان: قاطعة وحاكية لخلاف، ولو أبطل بعض ما يحسنه في المسائل الثلاث وجب قسطه مما ذكر على الخلاف فيه. (ولو قطع نصف لسانه) أي المجني عليه (فذهب) حروف هي (ربع كلامه أو عكس) بأن قطع ربع لسانه فذهب حروف هي نصف كلامه (فنصف دية) يجب في المسألتين، لأن اللسان مضمون بالدية وكذا الكلام، ولو لم تؤثر الجناية إلا في أحدهما لوجبت الدية، فإذا أثرت فيهما وجب أن ينظر إلى الأكثر لأنه لو انفرد لوجب قسطه، ولو قطع في الصورتين آخر الباقي فثلاثة أرباع الدية لأنه أبطل في الأولى ثلاثة أرباع الكلام، وقطع في الثانية ثلاثة أرباع اللسان وفيهما قوة الكلام، ولو تساوت نسبة الحرم والكلام بأن قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه وجب نصف الدية، ولا يقتص مقطوع نصف ذهب نصف كلامه من مقطوع نصف ذهب ربع كلامه إذا قطع الثاني الباقي من لسان الأول، وإن أجرينا القصاص في بعض اللسان لنقص الأول عن الثاني، ولو قطع بعض لسان وبقي نطقه فالواجب حكومة لا قسط خلافا للزركشي إذ لو وجب للزم إيجاب الدية الكاملة في لسان الأخرس، ولو قطع لسانا ذهب نصف كلامه مثلا بجناية على اللسان من غير قطع شئ منه فالواجب الدية لأنه قطع جميع اللسان مع بقاء المنفعة فيه.
تنبيه: لو قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه فاقتص من الجاني فلم يذهب إلا ربع كلامه فللمجني عليه ربع الدية ليتم حقه، فإن اقتص منه فذهب ثلاثة أرباع كلامه لم يلزمه شئ، لأن سراية القصاص مهدرة. الشئ السادس هو ما ذكره بقوله: (وفي) إبطال (الصوت) مع إبقاء اللسان على اعتداله وتمكنه من التقطيع والترديد (دية) لما رواه البيهقي عن زيد بن أسلم أنه قال مضت السنة في الصوت إذا انقطع الدية وقول الصحابي: من السنة كذا في حكم المرفوع، ولأنه من المنافع المقصودة في غرض الاعلام والزجر وغيرهما وقال البلقيني: وجوب الدية في الصوت يكاد أن يكون خرقا للاجماع. وقال الأذرعي: لم أره لغير الإمام وحمل كلام زيد بن أسلم على الكلام وعلى المعتمد في وجوب الدية (فإن أبطل معه) أي الصوت (حركة لسان فعجز عن التقطيع والترديد فديتان) لأنهما منفعتان في كل واحدة منهما إذا انفردت بالتفويت كمال الدية (وقيل دية) لأن المقصود الكلام لكنه يفوت تارة ببطلان الصوت، وأخرى بعجز اللسان عن الحركة. قال الزركشي: وهذا مقتضى ظاهر كلام الشافعي والأصحاب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
تنبيه: لو أذهب بإبطال الصوت النطق واللسان سليم الحركة وجبت دية واحدة بناء على أن تعطيل المنفعة ليس كإبطالها، وينبغي كما قال شيخنا إيجاب حكومة لتعطيل النطق. الشئ السابع هو ما ذكره بقوله: (وفي) إبطال (الذوق) بجناية على اللسان (دية) لأنه أحد الحواس الخمس فأشبه الشم.
تنبيه: اختلف في محله هل هو في طرف الحلقوم أو في اللسان؟ نقل الرافعي الأول عن المتولي وأقره، ويدل له قولهم في قطع لسان الأخرس حكومة محله إذا لم يذهب الذوق فإنه لو كان في اللسان ذهب ولا بد، وجزم الرافعي في موضع آخر بالثاني، وجزم به جماعة منهم ابن جماعة شارح المفتاح، وقال النسائي وغيره: أنه المشهور وعليه الحكماء لكنهم يقولون: هو قوة منبثة في العصب المفروش على جرم اللسان يدرك بها الطعوم بخالطة اللعابية التي في الفم