بدل الدم بأن يموت المجروح ثم يرتد وليه قبل أن يقسم (فالأفضل) وعبارة المحرر: فالأولى، ولو عبر به كان أولى (تأخير أقسامه ليسلم) لأنه لا يتورع في حال ردته عن الايمان الكاذبة. فإذا عاد إلى الاسلام أقسم. أما إذا ارتد قبل موته ثم مات المجروح وهو مرتد فلا يقسم لأنه لا يرث بخلاف ما إذا قتل العبد وارتد سيده فإنه لا فرق بين أن يرتد قبل موت العبد أو بعده لأن استحقاقه بالملك لا بالإرث (فإن أقسم في الردة صح) إقسامه واستحق الدية (على المذهب) لأنه عليه الصلاة والسلام اعتد بأيمان اليهود فدل على أن يمين الكافر صحيحة، والقسامة نوع اكتساب للمال فلا يمنع منه الردة كالاحتطاب. قال الرافعي: وهو المشهور، وعن المزني وحكى قولا مخرجا ومنصوصا أنه لا يصح.
تنبيه: محل الخلاف إذا مات أو قتل في الردة، فإن عاد إلى الاسلام اعتد به قطعا، ولو ارتد قبل موت المجروح وأسلم بعد موته لم يقسم لأنه ليس بوارث (ومن لا وارث له) خاص (لا قسامة فيه) وإن كان هناك لوث لعدم المستحق المعين لأن ديته لعامة المسلمين وتحليفهم غير ممكن، لكن ينصب القاضي من يدعي على من نسب القتل إليه ويحلفه، فإن نكل فهل يقضي عليه بالنكول أو لا؟ وجهان جزم في الأنوار بالأول، ومقتضى ما صححه الشيخان فيمن مات بلا وارث فادعى القاضي أو منصوبه دينا له على آخر فأنكر ونكل أنه لا يقضي له بالنكول بل يحبس ليحلف أو يقر: ترجيح الثاني، وهو أوجه.
فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة (إنما يثبت موجب القصاص) - بكسر الجيم - من قتل أو جرح (بإقرار، أو) شهادة (عدلين) به لما سيأتي في الشهادات إن شاء الله تعالى.
تنبيه: ورد على حصره علم القاضي ونكول المدعى عليه وحلف المدعي فإنه يثبت بهما. وأجيب عن الثاني برجوعه إلى الاقرار أو البينة، ويستثنى من إطلاقه السحر فإنه قد يوجب القصاص، ومع ذلك لا يثبت بالبينة، بل بالاقرار فقط كما سيأتي (و) إنما يثبت موجب (المال) من قتل أو جرح خطأ أو شبه عمد (بذلك) أي إقراره أو شهادة عدلين أو علم القاضي (أو برجل وامرأتين، أو) برجل (ويمين) لا بامرأتين ويمين لما سيأتي في بابه، فإن هذه المسائل من جملة ما يأتي في كتاب الشهادات ذكرت هنا تبعا للشافعي رضي الله تعالى عنه، ويأتي ثم الكلام على صفات الشهود والمشهود به مستوفى، وفي باب القضاء بيان أن القاضي يقضي بعلمه.
تنبيه: قوله: والمال هو بالجر عطفا على القصاص، وحينئذ يرد على حصره القسامة في محل اللوث فإن المال يثبت باليمين فقط، والمراد باليمين في كلامه الجنسي لا الافراد لما مر من تعدد اليمين مع الشاهد، وإنما يثبت المال برجل وامرأتين إذا ادعى به عينا. فلو ادعى القصاص فشهد له رجل وامرأتان لم يثبت القصاص ولا الدية. فإن قيل: لو أقام في السرقة رجلا وامرأتين ثبت الغرم لا القطع، فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن الشهادة بالسرقة توجبهما معا، وإذا كانت البينة لا يثبت بها القطع، بقي الغرم، بخلاف الجناية، فإنها توجب القود عينا أو أحدهما لا بعينه، فلو أجبنا الدية في العمد أوجبنا فيه بخلاف مقتضى الجناية (ولو عفا) مستحق قصاص في جناية توجبه (عن القصاص ليقبل للمال رجل وامرأتان) أو رجل ويمين (لم يقبل) أي لم يحكم له بذلك (في الأصح) المنصوص لأن المال إنما يثبت، بعد ثبوت القصاص ولم يثبت، فينبغي أن يثبت القصاص ليعتبر العفو. والثاني يقبل، وصححه الماوردي، لأن القصد المال، وعلى الأول لو أقام بينة بعد عفوه بالجناية المذكورة هل يثبت القصاص لأن العفو غير معتبر أو لا؟ لأنه أسقط حقه، لم أر من تعرض له، والظاهر الأول.
تنبيه: محل الخلاف إن أنشأ الدعوى والشهادة بعد العفو، أما لو ادعى العمد وأقام رجلا وامرأتين ثم عفا