اندمالا ممكنا) قبل موته (أو) زعم (سببا) آخر للموت عينه كقوله: قتل نفسه أو قتله آخر (فالأصح) المنصوص (تصديق الولي) بيمينه لأن الأصل عدم السراية، ولموافقته الظاهر فتجب ديتان. والثاني تصديق الجاني بيمينه لاحتمال السراية فتجب دية واحدة، واحترز بممكن عما لا يمكن لقصر زمنه كقوله: اندمل الجرح بعد يوم أو يومين فيصدق الجاني في قوله بلا يمين كما صرح به الرافعي، أما إذا لم يعين الولي السبب فينظر إن أمكن الاندمال صدق الولي بيمينه أنه مات بسبب آخر، وإن لم يمكن الاندمال صدق الجاني أنه مات بالسراية أو بقتله. قال ابن المقري: بيمينه وهو كما قال شيخنا ظاهر في دعوى قتله، أما في دعوى السراية فيصدق بلا يمين كنظيره في المسألة السابقة. ولو قال الولي للجاني:
أنت قتلته بعد الاندمال فعليك ثلاث ديات، وقال الجاني: بل قبل الاندمال فعلي دية، وأمكن الاندمال حلف كل منهما على ما ادعاه وسقطت الثالثة بحلف الجاني، فحلفه أفاد سقوطها وحلف الولي أفاد دفع النقص عن ديتين فلا يوجب زيادة، فإن لم يمكن الاندمال حلف الجاني عملا بالظاهر (وكذا لو قطع يده) ومات (وزعم) الجاني (سببا) آخر للموت غير القطع كشرب سم موح وهو بضم الميم وفتح الواو وتشديد الحاء المهملة الذي يقتل في الحال حتى لا يلزمه إلا نصف دية (و) زعم (الولي سراية) من قطع الجاني فعليه كل الدية، فإن الأصح تصديق الولي بيمينه سواء أعين الجاني السبب أم أبهمه، لأن الأصل عدم وجود سبب آخر، وقدم هذا الأصل على أصل براءة الذمة لتحقق الجناية، فإن قيل: قياس ما تقدم في المسألة قبلها من تصحيح تصديق الولي أنه مات بسبب آخر بشرطه السابق تصديق الجاني هنا لأن الأصل عدم وجود سبب آخر. أجيب بأنا إنما صدقنا الولي ثم مع ما ذكر لأن الجاني قد اشتغلت ذمته ظاهرا بديتين ولم يتحقق وجود المسقط لإحداهما وهو السراية فكانت الإحالة على السبب الذي ادعاه الولي أقوى، إذ دعواه قد اعتضدت بالأصل وهو شغل ذمة الجاني، وإن عاد الجاني بعد قطع يده فقتله وادعى أنه قتله قبل الاندمال حتى تلزمه دية وادعى الولي أنه قتله بعده حتى يلزمه دية ونصف صدق الجاني بيمينه، لأن الأصل عدم الاندمال، ولو تنازع الولي وقاطع اليدين أو اليد في مضي زمن إمكان الاندمال صدق منكر الامكان بيمينه، لأن الأصل عدمه، ولو قطع شخص أصبع آخر فداوى جرحه ثم سقطت الكف، فقال المجروح تأكل من الجرح، وقال الجاني من الدواء صدق المجروح بيمينه عملا بالظاهر إلا إن قال أهل الخبرة إن هذا الدواء يأكل اللحم الحي والميت فيصدق الجارح بيمينه.
(ولو أوضحه موضحتين ورفع الحاجز) بينهما والجميع عمد أو بشبهة أو خطأ (وزعمه) أي الرفع (قبل اندماله) أي الايضاح حتى يجب أرش واحد، وزعم الجريح أن الرفع بعد الاندمال حتى يجب أرش ثلاث موضحات (صدق) الجاني بيمينه (إن أمكن) عدم الاندمال بأن قصر الزمان لأن الظاهر معه (وإلا) بأن لم يمكن عدم الاندمال بأن طال الزمان (حلف الجريح) أنه بعد الاندمال (وثبت) له (أرشان) للموضحتين الأولى والثانية عملا بالظاهر في الحالين (قيل و) أرش (ثالث) لرفع الحاجز بعد الاندمال مال لأنه ثبت رفع الحاجز باعترافه وثبت الاندمال بيمين المجني عليه فحصلت وضحة ثالثة، وأجاب الأول بأن حلفه دافع للنقص عن أرشين فلا يوجب أرشا آخر.
تتمة: لو قال المجني عليه: أنا رفعت الحاجز أو رفعه آخر، وقال الجاني: بل أنا رفعته أو رفع بالسراية، صدق المجني عليه بيمينه لأن الموضحتين موجبتان أرشين، فالظاهر ثبوتهما واستمرارهما، وإن قال الجاني: لم أوضح إلا واحدة، وقال المجني عليه: بل أوضحت موضحتين وأنا رفعت الحاجز بينهما، صدق الجاني بيمينه لأن الأصل براءة الذمة ولم يوجد ما يقتضي وجوب الزيادة.
فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه (الصحيح) المنصوص (ثبوته) أي القصاص في النفس ابتداء لا تلقيا من القتيل (لكل وارث) خاص من ذوي الفروض والعصبة، أي يرثه جميع الورثة لا كل فرد فرد من الورثة