تنبيه: أراد ببطلانها ظاهرا وإلا فبالاستحقاق بان أن لا قسمة. واستثنى ابن عبد السلام ما لو وقع في الغنيمة عين لمسلم استولى الكفار عليها ولم يظهر أمرها إلا بعد القسمة، بل يعوض من وقعت في نصيبه من خمس الخمس ولا تنقض القسمة، ثم قال: هذا إن كثر الجند، فإن كانوا قليلا كعشرة فينبغي أن تنقض، إذ لا عسر في إعادتها.
خاتمة في مسائل منثورة مهمة: تقسم المنافع بين الشريكين كما تقسم الأعيان مهايأة مياومة ومشاهرة ومسانهة، وعلى أن يسكن أو يزرع هذا مكانا من المشترك وهذا مكانا آخر منه، لكن لا إجبار في المنقسم وغيره من الأعيان التي طلبت قسمة منافعها فلا تقسم إلا بالتوافق لأن المهايأة تعجل حق أحدهما وتؤخر حق الآخر بخلاف قسمة الأعيان، قال البلقيني:
وهذا في المنافع المملوكة بحق الملك في العين، أما المملوكة بإجارة أو وصية فيجبر على قسمتها وإن لم تكن العين قابلة للقسمة، إذ لا حق للشركة في العين، فإن تراضيا بالمهايأة وتنازعا في البداءة بأحدهما أقرع بينهما ولكل منهما الرجوع عن المهايأة، فإن رجع أحدهما عنها بعد استيفاء المدة أو بعضها لزم المستوفي للآخر نصف أجرة المثل لما استوفى كما إذا تلفت العين المستوفي أحدهما منفعتها، فإن تنازعا في المهايأة وأصرا على ذلك أجرها القاضي عليهما ولا يبيعها عليهما لأنهما كاملان ولا حق لغيرهما فيها. ولا تجوز المهايأة في ثمر الشجر ليكون لهذا عاما ولهذا عاما، ولا في لبن الشاة مثلا ليحلب هذا يوما وهذا يوما، لأن ذلك ربوي مجهول، وطريق من أراد ذلك أن يبيح كل منهما لصاحبه مدة، واغتفر الجهل لضرورة الشركة مع تسامح الناس في ذلك. وليس للقاضي أن يجيب جماعة إلى قسمة شئ مشترك بينهم حتى يقيموا عنده بينة بملكهم، سواء اتفقا على طلب القسمة أو تنازعوا فيه، لأنه قد يكون في أيديهم بإجارة أو إعارة أو نحو ذلك، فإذا قسمه بينهم فقد يدعون الملك محتجين بقسمة القاضي. ويقبل في إثبات الملك شاهد وامرأتان، وكذا شاهد ويمين كما جزم به الدارمي واقتضاه كلام غيره وصوبه الزركشي، وإن خالف فيه ابن المقري. ولا تصح قسمة الديون المشتركة في الذمم لأنها إما بيع دين بدين، أو إفراز ما في الذمة، وكلاهما ممتنع، وإنما امتنع إفراز ما في الذمة لعدم قبضه، وعلى هذا لو تراضيا على أن يكون ما في ذمة زيد لأحدهما وما في ذمة عمرو للآخر لم يختص أحد منهما بما قبضه.
ولو تقاسم شريكان ثم تنازعا في بيت أو قطعة أرض وقال كل هذا من نصيبي ولا بينة تحالفا وفسخت القسمة، وقال الشيخ أبو حامد: يحلف ذو اليد ولمن أطلع على عيب في نصيبه أن ينفسخ. ولو تقاسما دارا وبابها في قسم أحدهما والآخر يستطرق إلى نصيبه من باب يفتحه إلى شارع فمنعه السلطان لم تنفسخ القسمة كما قاله ابن الأستاذ خلافا لابن الصلاح.
ولا يقاسم الولي محجوره بنفسه ولو قلنا القسمة إفراز كما صرحوا به فيما إذا كان بين الصبي ووليه حنطة.
كتاب الشهادات جمع شهادة مصدر شهد، من الشهود بمعنى الحضور. قال الجوهري: الشهادة خبر قاطع، والشاهد حامل الشهادة ومؤديها لأنه مشاهد لما غاب عن غيره، وقيل: مأخوذ من الاعلام، قال الله تعالى: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو) *.
أي أعلم وبين. والأصل فيه قبل الاجماع آيات، لقوله تعالى: * (ولا تكتموا الشهادة) *، وقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) * وقوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * (4) وهو أمر إرشاد لا وجوب. وأخبار كخبر الصحيحين: ليس لك إلا شاهداك أو يمينه وخبره: أنه (ص) سئل عن الشهادة، فقال للسائل: ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال:
على مثلها فاشهد أو دع رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده. وأما خبر: أكرموا الشهود، فإن الله تعالى يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم فضعيف كما قاله البيهقي، وقال الذهبي في الميزان: إنه حديث منكر. وأركانها خمسة: شاهد، ومشهود له، ومشهود عليه، ومشهود به، وصيغة. وكلها تعلم مما يأتي مع ما يتعلق بها. وقد بدأ بالشرط الأول، فقال: