النكاح يصح دون الصداق للجهل بالدية. خاتمة: لو قتل حر عبدا فصالح عن قيمته المعلومة على عين واستحقت أو ردت بعيب أو تلفت قبل القبض رجع السيد بالأرش قطعا، فإن كان الجاني فيما ذكر عبدا فالسيد مختارا للفداء بالصلح وليس بمختار له إن صالح على رقبته واستحقت أو ردت بعيب أو تلفت قبل القبض، ويتعلق الأرش حينئذ بها كما كان حتى لو مات سقط حق المجني عليه، ولو قطع العبد يد الحر فاشتراه بالأرش وهو الواجب لم يصح الشراء للجهل بوصف الإبل، وإن كان الواجب القصاص سقط وإن لم يصح الشراء لأنه اختيار للمال، وإن كان الشراء بغير الأرش لم يسقط كما لو قطعه وهو في ملكه، ولو صالحه عن القصاص على عين فاستحقت، أو ردها بعيب أو تلفت قبل قبضها وجب على السيد الأقل من قيمة العبد وأرش الجناية لاختياره الفداء بالصلح.
كتاب الديات لما فرغ من القصاص عقبه بالدية، لأنها بدل عنه على الصحيح، وجمعها باعتبار الاشخاص، أو باعتبار النفس والأطراف ومفردها دية، وهي المال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها وأصلها ودية بوزن فعلة، والهاء بدل من فاء الكلمة التي هي واو، إذ أصلها ودية مشتقة من الودي، وهو دفع الدية كالعدة من الوعد، تقول: وديت القتيل أديه وديا ودية: أي أديت ديته. والأصل فيها الكتاب والسنة والاجماع. قال تعالى * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية) * والأحاديث الصحيحة طافحة بذلك، والاجماع منعقد على وجوبها في الجملة. وتعرض المصنف في آخر هذا الكتاب لبيان الحكومة وضمان الرقيق، وبدأ بالدية لأن الترجمة لها فقال: (في قتل) الذكر (الحر المسلم) المحقون الدم غير جنين انفصل بجناية ميتا والقاتل له لا رق فيه (مائة بعير) لأن الله تعالى أوجب في الآية المذكورة دية، وبينها النبي (ص) في كتاب عمرو بن حزم في قوله في النفس مائة من الإبل رواه النسائي وصححه ابن حبان، ونقل ابن عبد البر وغيره فيه الاجماع وأن أول من سنها مائة عبد المطلب، وقيل أبو سيارة الذي أجار الحجاج أربعين سنة في الجاهلية من المزدلفة إلى منى وجاءت الشريعة مقررة لها. والبعير يطلق على الذكر والأنثى كما مر في باب الوصية، ولا تختلف الدية بالفضائل والرذائل وإن اختلفت بالأديان والذكورة والأنوثة بخلاف الجناية على الرقيق فإن فيه القيمة المختلفة. أما إذا كان غير محقون الدم كتارك الصلاة كسلا والزاني المحصن إذا قتل كلا منهما مسلم فلا دية فيه ولا كفارة وإن كان القاتل رقيقا لغير المقتول ولو مكاتبا وأم ولد فالواجب أقل الأمرين من الحصة من الدية والحصة من القيمة، وقد يعرض للدية ما يغلظها، وهو أحد أسباب خمسة: كون القتل عمدا، أو شبه عمد، أو في الحرم، أو الأشهر الحرم، أو لذي رحم محرم، وقد يعرض لها ما ينقصها، وهو أحد أسباب أربعة: الأنوثة، والرق، وقتل الجنين، والكفر. فالأول يردها إلى الشطر، والثاني إلى القيمة، والثالث إلى الغرة، والرابع إلى الثلث أو أقل كما سيأتي بيان ذلك، وكون الثاني أنقص جرى على الغالب وإلا فقد تزيد القيمة على الدية.
وقد بدأ بالقسم الأول بقوله: (مثلثة في) قتل (العمد) سواء أوجب فيه قصاص وعفى عنه أم لا كقتل الوالد ولده، والمراد بتثليثها جعلها ثلاثة أقسام وإن كان بعضها أزيد من بعض كما بين ذلك بقوله: (ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة أي حاملا) لخبر الترمذي بذلك، فهي مغلظة من ثلاثة أوجه: كونها على الجاني، وحالة، ومن