تنبيه: جعلا من صور عدم الامكان المرض والحبس وما إذا جاء إلى باب القاضي فحجب. وينبغي كما قال الزركشي: أن يحنث إذا ما تمكن من المكاتبة والمراسلة فلم يفعل، فإنهم اكتفوا بذلك كما مر. (وإن لم ينو) ما دام قاضيا (بر بالرفع إليه بعد عزله) قطعا إن نوى عينه وذكر القضاء للتعريف، وعلى الأصح إن أطلق نظر إلى التعيين ووجه مقابله النظر إلى الصفة.
فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا: إذا (حلف) شخص أنه (لا يبيع أو لا يشتري) مثلا وأطلق (فعقد لنفسه) حنث قطعا لصدور الفعل منه (أو غيره) بولاية أو وكالة (حنث) على الصحيح، لأن إطلاق اللفظ يشمله.
تنبيه: مطلق الحلف على العقود ينزل على الصحيح منها فلا يحنث بالفاسد. قال ابن الرفعة: ولم يخالف الشافعي رحمه الله هذه القاعدة إلا في مسألة واحدة، وهي ما إذا أذن لعبده في النكاح فنكح فاسدا، فإنه أوجب فيها المهر، كما يجب في النكاح الصحيح، وكذا العبادات لا يستثنى منها إلا الحج الفاسد فإنه يحنث به كما مر، ولو أضاف العقد إلى ما لا يقبله كأن حلف لا يبيع الخمر، ولا المستولدة ثم أتى بصورة البيع، فإن قصد التلفظ بلفظ العقد مضافا إلى ما ذكره حنث، وإن أطلق فلا. (ولا يحنث) الحالف على عدم البيع مثلا إذا أطلق (بعقد وكيله له) البيع سواء أكان ممن يتولاه الحالف بنفسه عادة أم لا، لأنه لم يعقد (أو) حلف (لا يزوج أو لا يطلق أو لا يعتق أو لا يضرب فوكل من فعله لا يحنث) وإن فعله الوكيل بحضرته وأمره بأنه حلف على فعله ولم يفعل، فإن قيل قد مر في الخلع أنه لو قال لزوجته متى أعطيتني ألفا فأنت طالق أنها لو قالت لوكيلها سلم إليه فسلم طلقت، وكان تمكينها من المال إعطاء، وقياسه هنا أنه يحنث بذلك.
أجيب بأن اليمين يتعلق باللفظ فاقتصر على فعله أما في الخلع فقولها لوكيلها: سلم إليه، بمثابة خذه فلاحظوا المعنى، ولو حلف أن لا يطلق، ثم علق الطلاق على مشيئة الزوجة أو فعلها، فوجد ذلك حنث، لأن الموجود منها مجرد صفة، وهو الموقع بخلاف ما لو فوض الطلاق إليها فطلقت نفسها على الأصح ولو حلف لا يعتق عبدا فكاتبه وعتق بالأداء لم يحنث كما نقلاه عن ابن القطان وأقروه، وإن صوب في المهمات الحنث معللا بأن التعليق مع وجود الصفة إعتاق كما أن تعليق الطلاق مع وجود الصفة تطليق، لأن الظاهر أن اليمين عند الاطلاق منزلة على الاعتاق مجانا (إلا أن يريد) الحالف استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو (أن لا يفعل هو ولا غيره) فيحنث بفعله وكيله فيما ذكر في مسائل الفصل كلها عملا بإرادته، ولو حلف لا يبيع ولا يوكل وكان وكل قبل ذلك يبيع ماله فباع الوكيل بعد يمينه بالوكالة السابقة، ففي فتاوى القاضي الحسين أنه لا يحنث، لأنه بعد اليمين لم يباشر ولم يوكل، وقياسه أنه لو حلف على زوجته أن لا تخرج إلا بإذنه، وكان أذن لها قبل ذلك في الخروج إلى موضع معين فخرجت إليه بعد اليمين لم يحنث. قال البلقيني:
وهو ظاهر (أو) حلف (لا ينكح حنث بعقد وكيله له لا بقبوله هو) أي الحالف النكاح (لغيره) لأن الوكيل في النكاح سفير محض، ولهذا يجب تسمية الموكل، ونازع البلقيني في ذلك واعتمد عدم الحنث.
تنبيه: هذا كله إذا أطلق، فإن أراد أن لا ينكح لنفسه ولا لغيره حنث عملا بنيته، وإن نوى منع نفسه أو وكيله اتبع.
فروع: لو حلفت المرأة أن لا تتزوج فعقد عليها وليها نظرت إن كانت مجبرة فعلى قولي المكره، وإن كانت غير مجبرة وأذنت في التزويج فزوجها الولي فهو كما لو أذن الزوج لمن يزوجه، ولو حلف لا يراجع مطلقته فوكل في