الطرفان أو رجح أحدهما، (هل تلفت العين) المدعى بها (فيدعي قيمة) عينها إن كانت متقومة، أو مثلا إن كانت مثلية. (أم لا فيدعيها) أي العين نفسها (فقال) في صفة دعواه: (غصب مني) فلان (كذا فإن بقي لزمه رده) إلي (وإلا فقيمته) إن كان متقوما أو مثله إن كان مثليا يلزمه، (سمعت دعواه) مع التردد للحاجة. ثم إن أقر بشئ فذاك، وإن أنكر حلف أنه لا يلزمه رد العين ولا بد لها. فإن نكل، فهل يحلف المدعي على التردد أو يشترط التعيين؟ وجهان، أوجههما كما قال شيخنا الأول. (وقيل لا) تسمع دعواه على التردد، (بل يدعيها) أي العين (ويحلفه) عليها (ثم) بعد حلفه (يدعي القيمة) أو المثل ويحلفه على ذلك، (ويجريان) أي هذان الوجهان (فيمن دفع ثوبا لدلال ليبيعه) فطالبه به (فجحده) الدلال (وشك) الدافع (هل باعه) الدلال (فيطلب) منه الثمن (أم أتلفه فقيمته) يطلبها (أم هو باق فيطلبه) منه، فعلى الأصح السابق يدعي على الدلال رد الثوب أو ثمنه إن باعه أو قيمه إن أتلفه، ويحلف الخصم يمينا واحدة أنه لا يلزمه تسلم الثوب ولا ثمنه ولا قيمته. وعلى الثاني يدعي العين في دعوى، والثمن في أخرى، والقيمة في أخرى، فإذا نكل المدعى عليه حلف ثلاثة أيمان، فإن نكل حلف المدعي على التردد على الأوجه كما مر. قال البلقيني: وقد يكون الدلال باعه ولم يسلمه ولم يقبض الثمن والدعوى المذكورة ليست جامعة لذلك، والقاضي إنما يسمع الدعوى المترددة حيث اقتضت الالزام على كل وجه، فلو أتى ببقية الاحتمالات لم يسمعها الحاكم فإن فيها ما لا إلزام به، قال: ولم أر من تعرض لذلك. وإذا حضر الغائب عن المجلس (حيث أوجبنا) على المدعى عليه (الاحضار) للمدعى به فأحضره (فثبت للمدعي استقرت مؤنته) أي الاحضار (على المدعى عليه) لتعديه، (وإلا) بأن لم يثبت للمدعى (فهي) أي مؤنة الاحضار (ومؤنة الرد) للمال إلى محله (على المدعي) لتعديه، قال الزركشي: ولا أجرة عليه لمدة الحيلولة، بخلافه في الغائب عن البلد كما مر.
تنبيه: لو تلف المال في الطريق بانهدام دار ونحوه، قال في المطلب: لم يضمنه المدعي بلا خلاف.
فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه، وبيان غيبته المشترطة في الحكم عليه وما يذكر معه: (الغائب الذي تسمع البينة) عليه (ويحكم عليه) بموجبها (من) هو كائن (بمسافة بعيدة، وهي التي لا يرجع منها مبكر إلى موضعه) لذي بكر منه (ليلا) بعد فراغ المحاكم كما بينه البلقيني، لما في إيجاب الحضور عليه من المشقة الحاصلة بمفارقة الأهل والوطن في الليل.
قال البلقيني: وتعبير المصنف غير مستقيم، لأن قوله منها يعود على المسافة البعيدة، والمسافة البعيدة ليست التي لا يرجع منها، بل التي لا يصل إليها ليلا من يخرج بكرة من موضعه إلى بلد الحاكم. قال بعضهم: ولو قال مبكر منها لاستقام، وهو مراده.
تنبيه: قوله ليلا يريد أوائل الليل، وهو القدر الذي ينتهي به سفر الناس غالبا. (وقيل) هي (مسافة قصر) لأن الشارع اعتبرها في مواضع فما دونها في حكم الحاضر. (ومن بقريبة) وهي دون البعيدة بوجهيها حكمة (كحاضر) في البلد (فلا تسمع بينته) عليه، (و) لا (يحكم) عليه (بغير حضوره إلا لتواريه أو تعززه) وعجز