بواحد فينبغي كما قال الأذرعي أن يلزمهم تكفينه من تركته بثان وثالث، والفساقي المعروفة كبيت معقود حتى إذا لم تكن في حرز ولا لها حافظ لم يقطع بسرقة الكفن منها كما بحثه الأذرعي، فإن اللص لا يلقى عناء في النبش بخلاف القبر المحكم في العادة، وجمع الحجارة على الميت وهو على وجه الأرض عند تعذر الحفر كالدفن للضرورة، بخلاف ما إذا لم يتعذر الحفر والبحر ليس حرزا لكفن الميت المطروح فيه فلا يقطع آخذه، لأنه ظاهر فهو كما لو وضع الميت على شفير القبر فأخذ كفنه، فإن غاص في الماء فلا قطع على آخذه أيضا، لأن طرحه في الماء لا يعد إحرازا كما لو تركه على وجه الأرض وغيبه الريح بالتراب، ولو أخرج الميت مع الكفن ففي القطع وجهان. قال الزركشي: وقضية ما سيأتي من عدم القطع بسرقة الحر العاقل وعليه ثيابه أن يكون هنا كذلك، وإذا أخذ الكفن حينئذ لا قطع لأنه لم يأخذه من حرز. قال الزركشي: ولا بد من كون الميت محترما ليخرج الحربي ولم يذكره اه. وهو ظاهر، ولا بد أيضا كما بحثه بعضهم أن يكون القبر محترما ليخرج قبر في أرض منصوبة.
فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه وما يكون حرزا لشخص دون آخر. ولو أخر هذا الفصل إلى قوله: ولا يقطع مختلس كان أولى، لأنه أول الركن الثاني للقطع (يقطع) جزما (مؤجر الحرز) إجارة صحيحة بسرقته منه مال المستأجر الذي وضعه فيه إذ لا شبهة له فيه، لأن المنافع بعقد الإجارة مستحقة للمستأجر والاحراز من المنافع، وهذا بخلاف ما لو وطئ المالك أمته المزوجة فإنه لا يحد لأن الشبهة قائمة في المحل، وبخلاف ما ليس للمستأجر وضعه فيه كأن استأجر أرضا للزراعة فآوى إليه ماشية مثلا، ويؤخذ من هذا أنه لو سرق منها بعد فراغ مدة الإجارة لم يقطع وهو كذلك وإن كان قضية كلام ابن الرفعة أنه يقطع، وبخلاف ما لو كانت الإجارة فاسدة فلا قطع.
تنبيه: يرد على جزم المصنف قطع المؤجر لو ثبت له خيار الفسخ بطريق معتبر بأن ثبت على وجه لا يبطل بالتأجير كما لو بلغه ليلا إفلاس المستأجر فسرق تلك الليلة من الحرز ففيه خلاف المعير لتمكنه من فسخ الإجارة كما أن المعير يتمكن من الرجوع في العارية، قاله البلقيني بحثا. قال: ولم أر من تعرض له. (وكذا) يقطع (معيره) أي الحرز إعارة صحيحة بسرقة مال المستعير الذي له وضعه فيه (في الأصح) لأنه سرق النصاب من حرز محترم، وإنما يجوز له الدخول إذا رجع، والثاني لا يقطع لأن الإعارة لا تلزم، وله الرجوع متى شاء. ويؤخذ من هذا أن محل الخلاف في العارية الجائزة أما الإعارة اللازمة فيقطع فيها قطعا كالمؤجر، ومحله أيضا إذا لم يتقدمه رجوع فإن رجع أولا في العارية بالقول وامتنع المستعير من الرد بعد التمكن فلا قطع قطعا، لأن المستعير حينئذ يتصرف فيه بغير حق فكان كالغاصب وإن سرقه بعد الرجوع قبل إمكان التفريغ فلا قطع، كما لو سرق المشتري مال البائع من الدار المبيعة بعد توفية الثمن وقبل القبض وقبل إمكان التفريغ، أما قبل توفية الثمن فيقطع لأن للبائع قبل تسليمه حق الحبس، فأشبه المستأجر بخلاف ما بعده، وقضيته أنه لو كان الثمن مؤجلا لم يقطع وهو كما قال شيخنا ظاهر. وخرج بالصحيحة الفاسدة فلا قطع فيها لما مر في الإجارة وبماله الذي وضعه فيه ما لو استعار للزراعة فغرس ودخل المستعير فسرق من الغراس لم يقطع على قياس ما مر في صورة الإجارة السابقة.
تنبيه: مثل إعارة الحرز إعارة رقيق لحفظ مال أو رعي غنم ثم سرق مما يحفظه رقيقه، وقد خرج بقول المصنف الحرز ما لو أعاره قميصا فطر المعير جيبه وأخذ المال فإنه يقطع قطعا كما قاله الإمام. قال الأذرعي: ونقب الجدار أي المعار كطر الجيب فيما يظهر. (ولو غصب حرزا لم يقطع مالكه) بسرقة ما أحرزه الغاصب فيه جزما، لأن له الدخول والهجوم عليه فلا يكون محرزا عنه وصاحب المتاع ظالم، وقد قال (ص): ليس لعرق ظالم رق. (وكذا أجنبي) لا يقطع بسرقته منه (في الأصح) لأن الاحراز من المنافع، والغاصب لا يستحقها، والثاني يقطع إذ لا حق للأجنبي