بالمطعوم ووصولها للعصب، وعند أهل السنة أن الادراك المذكور بمشيئة الله تعالى، يعني أن الله تعالى يخلق ما ذكر عند المخالطة المذكورة، وعلى هذا القول ينبغي كما قال شيخنا أن يكون كالنطق مع اللسان فتجب دية واحدة للسان.
ثم ذكر أنواع الطعوم واقتصر كالأصحاب منها على خمسة، فقال: (ويدرك به) أي الذوق (حلاوة وحموضة ومرارة وملوحة وعذوبة) قال الماوردي: وفرعها أهل الطب إلى ثمانية، ولا تعتبرها في الأحكام لدخول بعضها في بعض كالحرافة مع المرارة (وتوزع) الدية (عليهن) أي الخمسة، فإذا أبطل إدراك واحدة منهن وجب فيها خمس الدية وهكذا (فإن نقص) الادراك نقصا لا يتقدر بأن يحس بمذاق الخمس لكن لا يدركها على كمالها (فحكومة) تجب في ذلك النقص وتختلف بقوة النقصان وضعفه، فإن عرف قدره فقسطه من الدية، ولو اختلف الجاني والمجني عليه في ذهاب الذوق امتحن بالأشياء المرة ونحوها كالحامضة الحادة بأن يلقيها له غيره معافصة، فإن لم يعبس صدق بيمينه وإلا فالجاني بيمينه. الشئ الثامن هو ما ذكره بقوله: (وتجب الدية في) إبطال (المضغ) كأن يجني على أسنانه فتخدر وتبطل صلاحيتها للمضغ لأنه المنفعة العظمى للأسنان وفيها الدية فكذا منفعتها كالبصر مع العين والبطش مع اليد.
تنبيه: قال ابن شهبة: لم يرد فيه خبر ولا أثر ولم يتعرض له الشافعي ولا جمهور الأصحاب، وإنما قاله الفوراني والإمام وتبعهما من بعدهما. الشئ التاسع هو ما ذكره بقوله: (و) تجب الدية في إبطال (قوة إمناء بكسر صلب) لفوات المقصود وهو النسل، بخلاف انقطاع اللبن بالجناية على الثدي، فإن فيه حكومة فقط لأن الرضاع يطرأ ويزول واستعداد الطبيعة للامناء صفة لازمة للفحول، ونازع البلقيني في ذلك وقال: الصحيح بل الصواب عدم وجوب الدية لأن الامناء الانزال، فإذا أبطل فوته ولم يذهب المني وجبت الحكومة لا الدية لأنه قد يمتنع الانزال بما يسد طريقه فيشبه ارتتاق الاذن اه. وهو إشكال قوي ولكن لا يدفع المنقول. والصلب الظهر، ويقال: الصلب بفتحتين كفرس ذكره ابن فارس. الشئ العاشر هو ما ذكره بقوله: (و) تجب الدية في إبطال (قوة حبل) من المرأة لفوات النسل فيكمل فيه ديتها لانقطاع النسل كذا صوره الرافعي. قال في المطلب: ويحتمل تصويره بإذهابه من الرجل أيضا بأن يجنى على صلبه فيصير منيه لا يحبل فتجب فيه الدية. قال: ويتصور ذلك أيضا بما إذا جنى على الأنثيين، فإنه يقال أنهما محل انعقاد المني. قال الأذرعي: ويشبه أن يكون محل إيجاب الدية بإذهاب الاحبال في غير من ظهر للأطباء أنه عقيم، وإلا فلا تجب. الشئ الحادي عشر هو ما ذكره بقوله: (و) تجب الدية في (ذهاب جماع) من المجني عليه بجناية على صلبه مع بقاء مائه وسلامة ذكره فيبطل التلذذ بالجماع لأن ذلك من المنافع المقصودة، وقد ورد الأثر فيه عن الخلفاء الراشدين، ولو ادعى المجني عليه ذهابه وأنكر الجاني صدق المجني عليه بيمينه لأنه لا يعرف إلا منه كما إذا قالت المرأة حضت ولو أبطل إمناءه أو لذة جماعه بقطع الأنثيين وجب ديتان كما في إذهاب الصوت مع اللسان. الشئ الثاني عشر هو ما ذكره بقوله: (وفي إفضائها) أي المرأة بجناية عمدا أو شبهة أو خطأ بوطئ أو بغيره (من الزوج وغيره دية) أي ديتها كما عبر به في المحرر، لما روي عن زيد بن ثابت ولفوات منفعة الجماع أو اختلالها، وعلله الماوردي بأنه يقطع التناسل لأن النطفة لا تستقر في محل العلوق لامتزاجها في البول فأشبه قطع الذكر.
تنبيه: إنما نص على غير الزوج لأن في كلام بعضهم ما يقتضي الاهدار في الزانية، وسواء في ذلك المكرهة والمطاوعة، لأن المطاوعة لا تقتضي الاذن في الافضاء، وأصل الافضاء من الفضاء، وهي البرية الواسعة. (وهو) أي الافضاء (رفع ما) أي حاجز (بين مدخل ذكر ودبر) فيصير سبيل جماعها وغائطها واحدا، إذ به تفوت المنفعة بالكلية (وقيل) وجزم به في الروضة كأصلها في إثبات الخيار، فقالا: الافضاء رفع ما بين مدخل (ذكر و) مخرج (بول) فيصير سبيل جماعها وبولها واحدا، لأن ما بين القبل والدبر قوي لا يرفعه الذكر وبينهما عظم لا يتأتى كسره