قطع من دونه، وهذا إذا حزه من الكف، فإن قطع الأصابع ثم قطع الكف هو أو غيره بعد الاندمال أو قبله وجبت الحكومة كما في النسخ مع السن. وأورد على المصنف ما لو كانت أصابع إحدى يديه وكفها أقصر من الأخرى فإنه لا يجب القصيرة نصف دية كاملة بل يجب نصف دية ناقصة حكومة كما نقلاه عن البغوي وأقراه. (فإن قطع من فوقه) أي الكف (فحكومة) تجب (أيضا) مع دية الكف ليس بتابع بخلاف الكف مع الأصابع فإنهما كالعضو الواحد بدليل قطعهما في السرقة بقوله تعالى: * (فاقطعوا أيديهما) *.
تنبيه: قال بعض المتأخرين: قد يجب في اليد ثلث الدية، وذلك فيما لو قطع إنسان يمين آخر حال صياله ثم يساره حال توليه عنه ثم رجليه حال صياله عليه ثانيا فمات بذلك فعليه ثلث الدية لليد اليسرى اه. وهذا ممنوع لأن الثلث إنما وجب لأجل أن النفس فاتت بثلاث جراحات فوزعت الدية على ذلك لا أن اليد وجب فيها ثلث الدية. ثم قال: وقد يجب في اليدين بعض الدية كأن سلخ جلد شخص فبادر آخر وحياته مستقرة فقطع يديه فالسالخ يلزمه دية وقاطع اليدين يلزمه دية ينقص منها ما يخص الجلد الذي كان على اليدين اه. وهذا ممنوع فإنا أوجبنا في اليدين الدية بتمامها، وإنما نقصنا منها شيئا لأجل ما فات من اليدين، لا أنا أوجبنا دون الدية في يدين تامتين. (وفي كل أصبع) أصلية من يد أو رجل عشر دية صاحبها ولو عبر به كان أولى، ففيها لذكر حر مسلم (عشرة أبعرة) كما جاء في خبر عمرو بن حزم. أما الإصبع الزائدة ففيها حكومة (و) في كل (أنملة) منها من غير إبهام (ثلث العشرة) لأن لكل أصبع ثلاث أنامل إلا الابهام فله أنملتان كما قال (و) في (أنملة الابهام نصفها) عملا بقسط واجب الإصبع.
تنبيه: لو انقسمت أصبع أربع أنامل متساوية ففي كل واحدة ربع العشر كما صرح به في أصل الروضة، ويقاس بهذه النسبة الزائدة على الأربع والناقصة عن الثلاث وبه صرح الماوردي. ثم قال: فإن قيل لم لم يقسموا دية الأصابع عليها إذا زادت أو نقصت كما في الأنامل، بل أوجبوا في الإصبع الزائدة حكومة؟ قلنا: الفرق أن الزائدة من الأصابع متميزة ومن الأنامل غير متميزة فلذلك اشتركت الأنامل وتفرقت الأصابع، وأيضا أن الأنامل لما اختلفت في أصل الخلقة بالزيادة والنقص كان كذلك في الخلقة النادرة، ولما لم تختلف الأصابع في الخلقة المعهودة فارقها حكم الخلقة النادرة، ولو لم يكن لإصبعه أنامل ففيه دية تنقص شيئا، لأن الانثناء إذا زال سقط معظم منافع اليد. العضو العاشر هو ما ذكره بقوله: (والرجلان) في قطعهما وأصابعهما وأناملهما (كاليدين) في جميع ما ذكر فيهما لحديث عمرو بن حزم بذلك ، والقدم كالكف، والساق كالساعد، والفخذ كالعضد، والأعرج كالسليم، لأن العيب ليس في نفس العضو، وإنما العرج نقص في الفخذ، والشلل في الرجل كما في اليد وتقدم بيانه. العضو الحادي عشر هو ما ذكره بقوله: (وفي حلمتيها) أي الأنثى (ديتها) لأن منفعة الارضاع وجمال الثدي بهما كمنفعة اليدين وجمالهما بالأصابع سواء أذهبت منفعة الارضاع أم لا وفي إحداهما نصفها، والحلمة كما في المحرر المجتمع الناتئ على رأس الثدي، وهذا التفسير صادق بحلمة الرجل. قال الإمام: ولون الحلمة يخالف لون الثدي غالبا وحواليه دائرة على لونها، وهي من الثدي لا منها، ولو قطع باقي الثدي أو قطعه غيره وجبت فيه حكومة، وإن قطعه مع الحلمة دخلت حكومته في ديتها في الأصح كالكف مع الأصابع فإن قطعهما مع جلدة الصدر وجبت حكومة الجلدة مع الدية، فإن وصلت الجراحة الباطن وجب أرش الجائفة مع الدية (و) في (حلمتيه) أي الرجل ومثله الخنثى (حكومة) إذ ليس فيها منفعة مقصودة بل مجرد جمال (وفي قول ديته) أي الرجل كالمرأة، فالخنثى على هذا القول تلحق بالأنثى كما علم من قول المصنف سابقا: والمرأة والخنثى كنصف رجل.
تنبيه: يجب للحلمة التي تحت حلمة الرجل أو الخنثى حكومة أخرى ولا يتداخلان لأن المقطوع منه عضوان ومن المرأة كعضو واحد. قال الروياني: وليس للرجل ثدي، وإنما هي قطعة لحم من صدره.