وجده ميتا حرم في الأظهر) لما مر، والثاني يحل حملا على أن موته بالجرح، وصححه البغوي. وقال في الروضة: إنه أصح دليلا، وفي المجموع: أنه الصحيح أو الصواب، وثبت فيه أحاديث صحيحة دون التحريم، والأول هو ما عليه الجمهور. قال البلقيني: وهو المذهب المعتمد، ففي سنن أبي داود وغيره بطرق حسنة، وفي حديث عدى بن حاتم قال: قلت يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين والثلاث فيجده ميتا؟ فقال: إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكل فهذا مقيد لبقية الروايات ودال على التحريم في محل النزاع اه. أي وهو ما إذا لم يعلم: أي لم يظن أن سهمه قتله، فتحرر من ذلك أن المعتمد في المتن، وجرى عليه في مختصره.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يكن أنهاه بالجرح إلى حركة مذبوح وإلا فيحل جزما، وما لم يجد فيه غير جرحه، فإن وجد به أثر صدمة أو جراحة أخرى حرم جزما.
تتمة: لمسألة المتن نظائره منها ما إذا مشط المحرم رأسه فسقط منه شعر وشك هل انتتف بالمشط أو كان منتتفا؟ والأصح أنه لا فدية كما مر في بابه، ومنها إذا قد ملفوفا ومر ما فيه، ومنها إذا بالت ظبية في ماء ثم ظهر تغيره، والمذهب المنصوص نجاسته إحالة على السبب الظاهر كما مر في محله، وهذا يقوي الوجه الثاني، ومنها إذا جرح المحرم صيدا ثم غاب عنه ثم وجده ميتا، ولم يدر هل مات بسبب جراحته أو بسبب آخر، والأصح فيها وجوب الأرش لا كمال الجزاء، إذ الشك فيه أوجب عدم وجوبه، وهذا يقوي الوجه الأول، وهو نظير المسألة.
فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه (يملك) الصائد (الصيد) غير الحرمي ممتنعا كان أم لا، إن لم يكن به أثر ملك كخضب، وقص جناح، وقرط وصائده غير محرم وغير مرتد (بضبطه بيده) وإن لم يقصد تملكه، حتى لو أخذ صيدا لينظر إليه ملكه، لأنه مباح فيملك بوضع اليد عليه كسائر المباحات. نعم إن قصد أخذه لغيره نيابة عنه بإذنه ملكه ذلك الغير على الأصح، وإن كان به أثر ملك من ذلك لم يملكه بل هو ضالة أو لقطة. وأما الصيد الحرمي والصائد المحرم فقد سبق حكمهما في محرمات الاحرام. وأما المرتد فسبق في الردة أن ملكه موقوف إن عاد إلى الاسلام تبين أنه ملكه من وقت الاخذ، وإلا فهو باق على إباحته (و) يملك الصيد أيضا (بجرح مذفف) أي مسرع للهلاك (وبإزمان وكسر جناح) بحيث يعجز عن الطيران والعدو جميعا إن كان مما يمتنع بهما، وإلا فبإبطال واحد منهما وإن لم يضع يده عليه، وقص الجناح ككسره، ويكفي للتملك إبطال شدة العدو وجعله بحيث يسهل إلحاقه وأخذه، ولو طرده فوقف إعياء أو جرحه فوقف عطشا لعدم الماء لم يملكه حتى يأخذه لأن وقوفه في الأول استراحة وهي معينة له على امتناعه من غيره. وفي الثاني لعدم الماء بخلاف ما لو جرحه فوقف عطشا لعجزه عن وصول الماء فإنه يملكه لأن سببه الجراحة (و) يملك أيضا (بوقوعه في شبكة) من الشبك، وهو الخيط (نصبها) للصيد فيملكه، وإن لم يضع يده عليه سواء أكان حاضرا أم غائبا طرده إليها طارد أم لا، وسواء أكانت الشبكة مباحة أم مغصوبة لأنه يعد بذلك مستوليا عليه، فإن قيل لو غصب عبدا وأمره بالصيد كان الصيد لمالك العبد بخلافه هنا. أجيب بأن للعبد يدا فإذا استولى عليه دخل في ملك سيده قهرا. واحترز بقوله: نصبها عما لو وقعت الشبكة من يده بلا قصد وتعلق بها صيد فإنه لا يملكه على الأصح.
تنبيه: كان ينبغي أن يقول: نصبها له كالمحرر أو للصيد كما قدرته في كلامه فإن مجرد نصبها لا يكفي حتى يقصد نصبها للصيد، وإنما يملكه إذا لم يقدر على الخلاص منها فإن قطعها الصيد فانفلت منها صار مباحا يملكه من صاده لأن الأول لم نثبته شبكته. وإن قطعها غيره فانفلت فهو باق على ملك صاحبها فلا يملكه غيره كما صححه في المجموع. ولو