لكنه قال في شرح هذا الكتاب: ليس المراد بالتسمية خصوص هذا اللفظ، بل لو قال الرحمن الرحيم كان حسنا، وفي البحر عن البيهقي أن الشافعي قال: فإن زاد شيئا من ذكر الله فالزيادة خير فالاكمل أن يقول (بسم الله الرحمن الرحيم) ويسن في الأضحية أن يكبر قبل التسمية وبعدها ثلاثا، وأن يقول اللهم منك وإليك. (و) أن (يصلي على النبي (ص)) عند ذلك، لأنه محل شرع فيه ذكر الله فشرع فيه ذكر نبيه عليه السلام كالاذان والصلاة، وكرهها في هذه الحالة ابن المنذر وأبو حنيفة وغيرهما، وقالوا لا يذكر إلا الله وحده، وما أحسن قول الحليمي : وحاشا لله أن تكره الصلاة على رسول الله (ص) عند طاعة أو قربة، بل يكره تركها عمدا كما قاله بعض المتأخرين (ولا يقل) أي الذابح والصائد باسم محمد ولا (بسم الله، واسم محمد) ولا باسم الله، ومحمد رسول الله (ص) بالجر، أي لا يجوز له ذلك لايهامه التشريك. قال الرافعي: فإن أراد أذبح باسم الله، وأتبرك باسم محمد، فينبغي أن لا يحرم ذلك، ويحمل إطلاق من نفي الجواز عنه على أنه مكروه، لأن المكروه يصح نفي الجواز المطلق عنه. قال: وقد تنازع جماعة من فقهاء قزوين فيه هل تحل ذبيحته وهل يكفر أو لا؟ والصواب ما بيناه، وقد نص الشافعي على أنه لو قال: أذبح للنبي (ص) أو تقربا له لا يحل أكلها. أما لو قال باسم الله ومحمد رسول الله - برفع محمد - فإنه لا يحرم، بل ولا يكره كما بحثه شيخنا لعدم إيهامه التشريك. قال الزركشي: وهذا ظاهر في النحوي، أما غيره فلا يتجه فيه ذلك.
تنبيه: لا تحل ذبيحة مسلم ولا غيره لغير الله، لأنه مما أهل به لغير الله، بل إن ذبح المسلم لذلك تعظيما وعبادة كفر كما لو سجد له لذلك. قال الروياني: من ذبح للجن وقصد التقرب إلى الله تعالى ليصرف شرهم عنه فهو حلال، وإن قصد الذبح لهم فحرام وإن ذبح للكعبة أو للرسل تعظيما لكونها بيت الله أو لكونهم رسل الله جاز.
قال في الروضة: وإلى هذا المعنى يرجع قول القائل أهديت للحرم أو للكعبة، وتحرم الذبيحة إذا ذبحت تقربا إلى السلطان أو غيره لما مر، فإن قصد الاستبشار بقدومه فلا بأس كذبح العقيقة لولادة المولود، وعد الصيمري من الآداب أن لا يذبح على قارعة الطريق، أي فيكره، وإن قال الغزالي في الاحياء بالتحريم. ثم شرع في الركن الرابع وهو الآلة مترجما لذلك بفصل فقال:
فصل: (يحل ذبح) حيوان (مقدور عليه) بقطع حلقومه ومريئه (و) يحل (جرح) حيوان (غيره) أي المقدور عليه في أي موضع كان منه (بكل محدد) - بفتح الدال الشديدة - أي له حد (يجرح) أي يقطع (كحديد) أي محدد حديد (و) محدد (نحاس) وكذا بقية المعطوفات (وذهب) وفضة ورصاص (وخشب وقصب وحجر وزجاج) لأن ذلك أوحى لازهاق الروح. فإن قيل: قول المصنف يحل ذبح مقدور عليه تبع فيه المحرر وهو تعبير معكوس، والصواب عبارة الروضة وهي المقدور عليه لا يحل إلا بالذبح إلخ. أجيب بأن المراد هنا بيان ما يحل به، وأما كون المقدور عليه لا يحل لا بالذبح فذكره أول الباب بقوله: ذكاة الحيوان المأكول بذبحه في حلق أو لبة إن قدر عليه (إلا ظفرا وسنا وسائر) أي باقي (العظام) متصلا كان أو منفصلا من آدمي أو غيره، لخبر الصحيحين: ما أنهر وذكر اسم الله عليه فكلوه ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة وألحق بذلك باقي العظام، والنهي عن الذبح بالعظام قبل تعبد، وبه قال ابن الصلاح ومال إليه ابن عبد السلام، وقال المصنف في شرح مسلم: معناه لا تذبحوا بها فإنها تنجس بالدم، وقد نهيتم عن تنجسها في الاستنجاء لكونها زاد إخوانكم من الجن، فلو جعل نصل سهم عظما فقتل به صيدا حرم، ومعنى قوله: وأما الظفر فمدى الحبشة أنهم كفار، وقد نهيتم عن التشبه بهم.