من غيره المدعى على بائعه بالثمن، ولو اعترف حالة الخصومة وقال برقه وقال إنه ذكره على وجه الخصومة، أو اعتمد في اعترافه به ظاهر اليد. وخرج بقوله: حر أي بالأصالة كما مر ما لو قال: أعتقتني أو أعتقني الذي باعني منك أو غيره فإنه لا يقبل إلا ببينة، وما لو قال: أنا عبد فلان فالمصدق السيد لاعتراف العبد بالرق، لأنه مال يثبت عليه اليد واليد عليه للسيد فلا تنتقل عنه، بخلافه هنا فإنه لم يعترف بذلك والأصل الحرية. ولو أقام المدعي بينة برقه وأقام هو بينة بأنه حر فالذي جزم به الرافعي في آخر الدعاوى تبعا للبغوي أن بينة الرق أولى لأن معها زيادة علم وهو إثبات الرق، ونقل الهروي وغيره عن الأصحاب أن بينة الحرية أولى. (أو) ادعى (رق صغير ليس في يده لم يقبل) منه (إلا ببينة) لأن الأصل عدم الملك، والظاهر كما قاله الأذرعي أن المجنون البالغ كالصغير. ولو كان الصغير في يد غيره وصدقه صاحب اليد كفى تصديقه مع حلف المدعي. (أو) ادعى رق صغير (في يده حكم له به) بعد حلفه (إن لم يعرف استنادها) أي يد المدعي (إلى التقاط) كما لو ادعى الملك في دابة أو ثوب، وإنما حلف لخطر شأن الحرية، ولا أثر لانكاره إذا بلغ بل يستمر الرق، فإن استندت إلى التقاط لم يقبل إلا بحجة. وهذه المسألة قد ذكرها في اللقيط فهي مكررة، والفرق أن اللقيط محكوم بحريته ظاهرا بخلاف غيره. (فلو أنكر الصغير) الرق (وهو مميز فإنكاره لغو) لأن عبارته ملغاة.
(وقيل) إنكاره (كبالغ) في إنكاره فلا يحكم برقه لمدعيه إلا ببينة، وإن أنكر بعد بلوغه في صورة عدم الاستناد لم يؤثر.
(ولا تسمع دعوى) بحال على من اعترف المدعي بإعساره، ولا دعوى (دين مؤجل) وإن كان به بينة (في الأصح) إذ لا يتعلق بها إلزام ومطالبة في الحال فيفوت نظام الدعوى. والثاني: تسمع مطلقا ليثبت في الحال ويطالب به في الاستقبال، وقد يموت من عليه فتتعجل المطالبة. والثالث: إن كان به بينة سمعت، وإلا فلا.
تنبيه: يستثنى على الأول صور، الأولى: إذا كان بعض الدين حالا وبعضه مؤجلا فإن الدعوى تصح به كما قاله الماوردي، قال: ويدعي بجميعه لاستحقاقه المطالبة بالبعض ويكون المؤجل تبعا. فإن قيل: الدعوى بذلك مشكل، لأن الحال إذا كان قليلا كدرهم من ألف مؤجلة يبعد الاستتباع فيه، وبأنه إذا أطلق الدعوى لم يفد، وإن قال لزمه تسليم الألف إلي لم تصح الدعوى وكان كاذبا، وإن فصل وبين كان ذلك في حكم دعوتين فأين محل الاستتباع؟
أجيب بأن محل الاستتباع عند الاطلاق، ولا يضر كون للكثير تابعا للقليل للحاجة إلى ذلك. الثانية: لو كان المؤجل في عقد كمسلم وقصد بدعواه به تصحيح العقد لأن المقصود منها مستحق في الحال، قاله الماوردي أيضا. الثالثة:
إذا ادعى على القاتل بقتل خطأ أو شبه عمد فإنها تسمع مع أن ذلك إنما يوجب دية مؤجلة، فلو ادعى ذلك على العاقلة لم تسمع جزما، لأنه لم يتحقق لزومه لمن ادعى عليه لجواز موته في أثناء الحول وإعساره آخره، ذكره البلقيني وقال: لم أر من تعرض له.
تتمة: تسمع الدعوى باستيلاد وتدبير وتعلق عتق بصفة ولو قيل العرض على البيع، لأنها حقوق ناجزة وجواب من ادعى دينا مؤجلا ولم يذكر الاجل لا يلزمني تسليمه الآن، ولا يجوز إنكاره استحقاقه في أحد وجهين قال الزركشي إنه المذهب كما حكاه الروياني عن جده. وإن أقر له خصمه بثوب مثلا وادعى تلفه فله تحليفه أنه لا يلزمه تسليمه إليه ثم يقنع منه بالقيمة، وإن نكل حلف لنقر له على بقائه وطالبه به.
فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه: إذا (أصر المدعى عليه على السكوت عن جواب الدعوى) لغير دهشة أو غباوة، (جعل) حكمه (كمنكر) للمدعي به (نأكل) عن اليمين، وحينئذ فترد اليمين على المدعي بعد أن يقول له القاضي: أجب عن دعواه وإلا جعلتك ناكلا. فإن كان سكوته لنحو دهشة أو غباوة شرح له، ثم حكم بعد ذلك عليه. وسكوت الأخرس عن الإشارة المفهمة للجواب كسكوت الناطق، ومن لا إشارة له مفهمة كالغائب