ولهذا لو اشترى العبد نفسه أو كاتبه سيده وأخذ النجوم يعتق ويكون الولاء لسيده. قال في المهمات: والظاهر أن ما وقع في المحرر سهو.
خاتمة: لو أعتق عتيق أبا معتقه فلكل منهما الولاء على الآخر. وإن أعتق أجنبي أختين لأبوين أو لأب فاشتريا أباهما فلا ولاء لواحدة منهما على الأخرى. ولو خلق حر من حرين أصليين وأجداده أرقاء، ويتصور ذلك في نكاح المغرور، وفي وطئ الشبهة ونحوهما، فإذا عتقت أم أمه فالولاء عليه لمعتقها، فإن عتق أبو أمه انجر الولاء إلى مولاه لأن جهة الأبوة أقوى واستقر عليه حتى لا يعوذ إلى من انجر إليه كما مر. ولو عتق كافر مسلما وله ابن مسلم وابن كافر ثم مات العتيق بعد موت معتقه فولاؤه للمسلم فقط، ولو أسلم الآخر قبل موته فولاؤه لهما، ولو مات في حياة معتقه فميراثه لبيت المال.
كتاب التدبير هو لغة: النظر في عواقب الأمور. وشرعا: تعليق عتق بالموت الذي هو دبر الحياة، فهو تعليق عتق بصفة لا وصية، ولهذا لا يفتقر إلى إعتاق بعد الموت. ولفظه مأخوذ من الدبر، لأن الموت دبر الحياة، وقيل: لأنه لم يجعل تدبيره إلى غيره، وقيل: لأنه دبر أمر حياته باستخدامه وأمر آخرته بعتقه. وكان معروفا في الجاهلية فأقره الشرع، وقيل إنه مبتدأ في الاسلام. ولا يستعمل التدبير في غير العتق من الوصايا. والأصل في الباب قبل الاجماع خبر الصحيحين: أن رجلا دبر غلاما ليس له مال غيره فباعه النبي (ص) فتقريره (ص) له وعدم إنكاره يدل على جوازه، واسم الغلام يعقوب، ومدبره مذكور الأنصاري. وفي سنن الدارقطني: أن النبي (ص) باعه بعد الموت ونسبه إلى الخطأ. وأركانه ثلاثة: صيغة ومالك ومحل. ويشترط في الركن الأول لفظ يشعر به، وهو إما صريح وإما كناية. وقد بدأ بالقسم الأول منهما فقال: (صريحة) الذي ينعقد به، وهو ما لا يحتمل غير التدبير، ألفاظ كثيرة منها قوله: (أنت حر) أو حررتك (بعد موتي أو إذا مت أو متى مت فأنت حر) أو عتيق، (أو أعتقتك بعد موتي) ونحو ذلك كأنت مفكوك الرقبة بعد موتي، لأن هذه الألفاظ لا تحتمل غيره وهو شأن الصريح. (وكذا دبرتك أو أنت مدبر على المذهب) المنصوص لاشتهاره في معناه. وفي قول مخرج من طريق ثان مخرج من الكتابة هو كناية لخلوه عن لفظ العتق والحرية.
تنبيه: كلامه يوهم الحصر فيما ذكره، وليس مرادا كما علم مما ذكرته. ولو قال: مثل كذا كان أولى. ثم شرع في القسم الثاني فقال: (ويصح بكناية عتق مع نية كخليت سبيلك بعد موتي) ناويا العتق، لأنه نوع من العتق فدخلته كنايته، ومثل ذلك: إذا مت فأنت حرام أو مسيب أو مالك نفسك ونحو ذلك من الألفاظ المحتملة. ويصح أيضا بلفظ التحبيس الذي هو من صرائح الوقف كما نقلاه في أثناء الباب عن كلام الشافعي في الام.
تنبيه: لو دبر بعضه نظر إن كان مبهما كربعه صح، فإذا مات عتق ذلك الجزء ولا يسري كما تقدم، وإن كان الجزء معينا كيده لغا في أحد وجهين اقتضى كلام الرافعي ترجيحه واستظهره الزركشي. وقوله: أنت حر بعد موتي أو لست بحر لا يصح كمثله في الطلاق والعتق، وهذا كما قال الأذرعي فيما إذا أطلق أو جهلت إرادته، فإن قاله في معرض الانشاء عتق، أو على سبيل الاقرار فلا قياسا على ما قالوه في الاقرار. (ويجوز) التدبير مطلقا كما سبق، و (مقيدا)