والتحرز عنها سهل، وجوز القاضي قتلها في حال سكونها إلحاقا لها بالفواسق الخمس فيجوز قتلها، ولا يختص بحال ظهور الشر، ولا يجري الملك عليها، ولا أثر لليد والاختصاص فيها.
تنبيه: سكتوا عن ضبط العادة. قال الدميري: والظاهر أنه يأتي فيه الخلاف مرتين أو ثلاثة كما في الكلب المعلم.
خاتمة: لو دخلت بقرة مثلا مسيبة ملك شخص فأخرجها من موضع يعسر عليها الخروج منه فتلفت ضمنها، ولو ضرب شجرة في ملكه ليقطعها وعلم أنها إذا سقطت تسقط على غافل عن ذلك ولم يعلمه القاطع به فسقطت عليه فأتلفته ضمنه وإن دخل ملكه بغير إذنه فإن لم يعلم القاطع بذلك أو علم به وعلم به ذلك الانسان أيضا أو لم يعلم به لكن أعلمه القاطع به أو لم يعلما به لم يضمنه إذ لا تقصير منه، ولو حل قيد دابة غيره لم يضمن ما تتلفه كما لو نقب الحرز وأخذ المال غيره. وسئل القفال عن حبس الطيور في أقفاص لسماع أصواتها وغير ذلك، فأجاب بالجواز إذا تعهدها مالكها بما تحتاج إليه، لأنها كالبهيمة تربط، ولو كان بداره كلب عقور أو دابة جموح ودخلها شخص بإذنه ولم يعلمه بالحال فعضه الكلب أو رمحته الدابة ضمن، وإن كان الداخل بصيرا أو دخلها بلا إذن أو أعلمه بالحال فلا ضمان لأنه المتسبب في هلاك نفسه ولو أتلفت الدابة المستعارة أو المبيعة قبل قبضها زرعا مثلا لمالكها ضمنه المستعير والبائع ، لأنها في يدهما أو أتلفت ملك غيرهما فإن كان الزرع للبائع لم يضمنه وإن كان ثمنا للدابة لأنها ما أتلفت ملكه ويصير قابضا للثمن بذلك كما مر في محله.
كتاب السير بكسر السين وفتح المثناة التحتية، جمع سيرة بسكونها، وهي السنة والطريقة، وغرضه من الترجمة ذكر الجهاد وأحكامه، وعدل عن الترجمة به أو بقتال المشركين كما ترجم به بعضهم إلى السير، لأن الجهاد متعلق من سيره قوله (ص) في غزواته. والأصل فيه قبل الاجماع آيات كقوله تعالى * (كتب عليكم القتال) * و * (قاتلوا المشركين كافة) * * (واقتلوهم حيث وجدتموهم) * وأخبار كخبر الصحيحين: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، وخبر مسلم: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وقد جرت عادة الأصحاب تبعا للإمام الشافعي رضي الله عنه أن يذكروا مقدمة في صدر هذا الكتاب فلنذكر نبذة منها على سبيل التبرك، فنقول:
بعث رسول الله (ص) يوم الاثنين في رمضان، وهو ابن أربعين سنة، وقيل ثلاث وأربعين، وآمنت به خديجة رضي الله عنها، ثم بعدها قيل علي رضي الله عنه، وهو ابن تسع، وقيل ابن عشر، وقيل أبو بكر، وقيل زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهم، ثم أمر بتبليغ قومه بعد ثلاث سنين من مبعثه. وأول ما فرض الله عليه بعد الانذار والدعاء إلى التوحيد من قيام الليل ما ذكر في أول سورة المزمل، ثم نسخ بما في آخرها، ثم نسخ بالصلوات الخمس إلى بيت المقدس ليلة الاسراء بمكة بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر ليلة سبع وعشرين من رجب. وقيل بعد النبوة بخمس أو ست وقيل غير ذلك. ثم أمر باستقبال الكعبة، ثم فرض الصوم بعد الهجرة بسنتين تقريبا، وفرضت الزكاة بعد الصوم، وقيل قبله، وفي السنة الثانية قيل في نصف شعبان، وقيل في رجب من الهجرة حولت القبلة، وفيها فرضت صدقة الفطر، وفيها ابتدأ (ص) صلاة عيد الفطر، ثم عيد الأضحى، ثم فرض الحج سنة ست، وقيل سنة خمس، ولم يحج (ص) بعد الهجرة إلا حجة الوداع سنة عشر، واعتمر أربعا. (كان الجهاد في عهد رسول الله (ص)) بعد الهجرة (فرض كفاية) أما كونه فرضا فبالاجماع، وأما كونه على الكفاية: فلقوله تعالى * (ولا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) * إلى قوله تعالى: * (وكلا وعد الله الحسنى) * ففاضل سبحانه وتعالى بين