في الشرع فيما لو عاد البلد من البغاة إلينا (لو ادعى) بعض أهله (دفع زكاة إلى البغاة صدق) بلا يمين إن لم يتهم و (بيمينه) إن اتهم لبنائها على المواساة، والمسلم مؤتمن في أمر دينه.
تنبيه: اليمين هنا مستحبة على الأصح كما في زيادة الروضة في الزكاة وإن صحح في تصحيح التنبيه هنا أنها واجبة، وجرى عليه الدميري (أو) ذمي ادعى دفع (جزية فلا) يصدق بيمينه (على الصحيح) لأنها عوض عن السكن، فأشبه ما لو ادعى المستأجر دفع الأجرة. والثاني بصدق كالمزكى، وفرق الأول بأن الذمي غير مؤتمن فيما يدعيه على المسلمين للعداوة الظاهرة (وكذا خراج) لأرض دفعه المسلم كما قاله الماوردي لقاضي البغاة: لا يصدق في دفعه (في الأصح) لأنه أجرة والثاني يصدق كالزكاة، أما الكافر إذا ادعى دفع الخراج فلا يصدق جزءا (ويصدق) الشخص (في) إقامة (حد) أنه أقيم عليه. قال الماوردي: بلا يمين، لأن الحدود تدرأ بالشبهات (إلا أن يثبت) الحد (ببينة، و) الحال أنه (لا أثر له) أي الحد (في البدن) فلا يصدق في ذلك (والله أعلم) لأن الأصل عدم إقامته ولا قرينة تدفعه، والفرق بين ثبوته بالبينة دون الاقرار أن المقر بالحد لو رجع قبل رجوعه وإنكاره بقاء الحد عليه في معنى الرجوع.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف أن يذكر هذه الزيادة قبل الكلام على أحكام الإمامة.
خاتمة: لا ينعزل إمام أسره كفار أو بغاة لهم إمام إلا إن وقع اليأس ولم يعد إلى إمامته، وإن لم يكن للبغاة إمام لم ينعزل الإمام المأسور، وإن وقع اليأس من خلاصه ويستنيب عن نفسه إن قدر على الاستنابة وإلا استنيب عنه فلو خلع الإمام نفسه أو مات لم يصر المستناب إماما. قال الدميري: كان المعتصم بالله يدعى المثمن، لأنه كان ثامن خلفاء بني العباس، ولد سنة ثمان ومائة لثمان عشرة خلت من شعبان، وهو الشهر الثامن من السنة، وفتح ثمان فتوحات، ووقف ثمانية ملوك وثمانية أعداء ببابه، وعاش ثمانية وأربعين سنة، وكانت خلافته ثمان سنين وثمانية أيام، وخلف ثمان بنين وثمان بنات، وثمانية آلاف دينار، وثمانية آلاف درهم، وثمانية آلاف فرس، وثمانية آلاف بعير وبغل ودابة. وثمانية آلاف خيمة وثمانية آلاف عبد، وثمانية آلاف أمة وثمانية قصور، وكان نقش خاتمه:
الحمد لله، وهي ثمانية أحرف، وكانت عدد غلمانه الأتراك ثمانية عشر ألفا.
كتاب الردة أعاذنا الله تعالى منها (هي) لغة الرجوع عن الشئ إلى غيره، وهي أفحش الكفر وأغلظه حكما، محبطة للعمل إن اتصلت بالموت. قال الله تعالى * (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) * الآية، وإن عاد إلى الاسلام لم يجب عليه أن يعيد حجه الذي حجه قبل الردة خلافا لأبي حنيفة، هذا ما ذكره الأصحاب وجرى عليه الشيخان. ونقل في المهمات عن نص الشافعي رحمه الله تعالى حبوط ثواب الأعمال بمجرد الردة، وقال إنه من مذهب الشافعي، ثم قال:
وهذه مسألة نفيسة مهمة غفل عنها الأصحاب اه. وليس في هذا مخالفة لكلامهم، فإن كلامهم أن الردة لا تحبط نفس العمل بدليل أنهم جعلوه مأخذ الخلاف بيننا وبين الحنفية في لزوم الحج بعد الردة حبوط العمل وكلام النص في حبوط ثواب العمل، وهي مسألة أخرى، ولا يلزم من سقوط ثواب العمل بدليل أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة مسقطة للقضاء مع كونها لا ثواب فيها عند أكثر العلماء. وشرعا (قطع) استمرار (الاسلام) ودوامه، ويحصل