باب موجبات الدية غير ما مر في الباب قبله مما تجب فيه الدية ابتداء: كقتل الولد ولده، وكصور الخطأ وشبه العمد (و) باب (العاقلة) وجناية الرقيق والغرة (والكفارة) للقتل يعطف الجميع على موجبات، والعاقلة جمع عاقل، وسيأتي بيانهم في الفصل الثاني من فصول هذا الباب، سموا بذلك لأنهم يعقلون الإبل بفناء دار القتيل، وقيل لأنهم يمنعون عنه . والعقل: المنع، وقيل لاعطائها العقل الذي هو الدية، والكفارة تقدم الكلام عليها في بابها، وأراد بالكفارة كفارة القتل كما قدرته، ولو زاد على ما زدته من جناية الرقيق والغرة لكان أولى لأنهما من فصول الباب.
إذا (صاح على صبي لا يميز) أصلا أو ضعيف التمييز أو على مجنون أو امرأة ضعيفة العقل، وكل ممن ذكر كائن (على طرف سطح) أو شفير نهر أو بئر أو غير ذلك صيحة منكرة (فوقع بذلك) الصياح بأن ارتعد به (فمات) منه كما في الروضة ولو بعد مدة مع وجود الألم (فدية) أي فيه فدية (مغلظة) بالتثليث السابق في كتاب الديات (على العاقلة) لأن هؤلاء كثيرا ما يتأثرون بذلك (وفي قول) يجب فيما ذكر (قصاص) لأن التأثير به غالب، والأول يمنع غلبته ويجعل مؤثره شبه عمد، سواء أغافله من ورائه أم واجهه، وسواء أكان في ملك الصائح أم لا.
تنبيه: التقييد بالارتعاد عبارة الشرح والروضة. قال ابن الرفعة: والتقييد به كأنه لو حظ فيه أن يغلب على الظن كون السقوط بالصياح. قال الأذرعي: ولعل الارتعاد ملازم لهذه الحالة فكان ينبغي أن يقول: فمات منه كما في الروضة اه. ولهذا لم يتعرض له الجمهور وحذفه من الكتاب، ولو لم يمت بل اختل بعض أعضائه ضمن أيضا. وخرج بالصياح عليه ما لو صاح على غيره فوقع من الصياح فهل يكون هدرا أو كما لو صاح على صيد؟. قال الأذرعي:
الأقرب الثاني، وما لو صاح بداية الغير أو هيجها بوثبة فسقطت في ماء أو وهدة فهلكت فإنه يضمنها كالصبي، حكاه الرافعي عن فتاوى البغوي قبيل السير، وبغير المميز المميز فإنه لا ضمان بوقوعه. لكن قوله بعد ذلك: ومراهق متيقظ كالبالغ يقتضي أن غير المراهق ليس كالبالغ، وسيأتي التنبيه على ذلك، وبطرف سطح ما لو كان على وسطه فإنه يقتضي أنه كالأرض، لكن عبارة غيره على سطح، وهي أعم. (ولو كان) المصيح عليه ممن ذكر سابقا (بأرض) مستوية أو قريبة منها فمات من الصيحة (أو صاح على بالغ) عاقل كما علم مما مر كائن (بطرف سطح) فسقط ومات (فلا دية في الأصح) المنصوص فيهما لندرة الموت بذلك، والثاني في كل منهما الدية لأن الصياح حصل به في الصبي ونحوه الموت، وفي البالغ عدم التماسك المفضي إليه، وأجاب الأول بأن موت الصبي بمجرد الصياح في غاية البعد، وعدم تماسك البالغ به خلاف الغالب من حاله فيكون موتهما موافقة قدر.
تنبيه: كلامه يقتضي نفي القصاص قطعا، وهو ظاهر في البالغ كما صرح به القاضي الحسين، وأما في غيره فمقتضى كلام الروضة إثبات الخلاف السابق فيه. وأما المجنون ومن يعتريه وسواس، والنائم والمرأة الضعيفة كالصبي الذي لا يميز كما في أصل الروضة، ولو صاح على صغير فزال عقله وجبت الدية كما جزم به الإمام، ونص في الام وإن كان بالغا فلا (وشهر) أي سل (سلاح) لبصير يراه أو تهديد شديد (كصياح) فيما ذكر فيه، بل هو أولى منه (ومراهق متيقظ) ليس كصبي بل هو (كبالغ) فلا دية في الأصح لعدم تأثيره بذلك غالبا.
تنبيه: كلامه في الصبي المميز متدافع، وكلام الشارح يدل على أنه كالمراهق، لأنه جعل المراهق في مقابلة