(يتناول قوتا وفاكهة وأدما وحلوى) لأن اسم الطعام يقع على الجميع بدليل قوله تعالى * (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) *.
تنبيه: قضية كلامه أن الطعام لا يتناول الدواء وبه جزم الماوردي والروياني واختاره الأذرعي وغيره، وفيه وجهان في الروضة بلا ترجيح وجعله المصنف داخلا في اسم الطعام في باب الربا، وتقدم الفرق بين البابين هناك، والحلوى كل ما اتخذ من نحو عسل وسكر من كل حلو، وليس جنسه حامضا كدبس وقند وفانيد، لا عنب وإجاص ورمان، أما السكر والعسل ونحوهما فليس بحلوى بدليل خبر الصحيحين أنه (ص) كان يحب الحلوى والعسل فيشترط في الحلوى أن تكون معقودة فلا يحنث إذا حلف لا يأكل الحلوى بغير المعمول بخلاف الحلو. قال في الروضة: وفي اللوزينج والجوزنيج وجهان والأشبه كما قال الأذرعي: الحنث، لأن الناس يعدونها حلوى. قال الأذرعي: ومثله ما يقال له المكفن والخشكنان والقطائف، وإذا قصرت الحلوى كتبت بالياء وإلا فبالألف.
فائدة: روى البيهقي في الشعب عن أبي أمامة الباهلي أن النبي (ص) قال: قلب المؤمن حلو يحب الحلوى ونازع البلقيني المصنف في كون الطعام يتناول ما ذكر. ولو عرف الديار المصرية أن الطعام هو المطبوخ فلا يحنث إلا به، ومن أمر غيره بشراء طعام فاشترى له شيئا من الحبوب أو الفواكه عد من الحمقى. والايمان إنما ينظر فيها إلى اللغة إن لم يعارضها عرف شرعي أو عادي. قال: ونقل عن عرف أهل الحجاز إطلاق الطعام على البر، فإن كان عرفهم هذا حملت أيمانهم عليه اه. وهل يدخل التمر والزبيب واللحم في القوت لمن يعتاد كلا منهما أو لا؟ وجهان أوجههما كما قال شيخنا عدم دخولها إذا لم يعتد إقياتها ببلد الحالف، بخلاف ما لو اعتيد ذلك أو كان الحالف يقتاتها، ومن الادم الفجل والثمار والبصل والملح والخل والشيرج والتمر. (ولو) تعارض المجاز، والحقيقة المشتهرة قدمت عليه، وحينئذ لو (قال) الحالف (لا آكل من هذه البقرة تناول لحمها) فيحنث به، لأنه المفهوم عرفا، وكذا شحمها وكبدها وغيرهما مما يؤكل منها كما صرح به القاضي حسين وغيره، وإن أوهمت عبارة المصنف الاقتصار على اللحم (دون ولد) لها (ولبن) منها فلا يحنث بهما حملا على الحقيقة المتعارفة، وأما الجلد فإن جرت العادة بأكله مسموطا حنث به وإلا فلا، فإن كان المجاز مشتهرا قدم على الحقيقة المرجوحة كما أشار إليه بقوله (أو) لا آكل (من هذه الشجرة فثمر) منها يحنث الحالف به (دون ورق وطرف غصن) منها حملا على المجاز المتعارف لتعذر الحمل على الحقيقة، لأن الأغصان والأوراق لا تراد في العرف، والجمار كما قال البلقيني كالثمر قال: وإن أكل الورق في بلدة أكلا متعارفا كورق بعض شجر الهند، فقد أخبرني الثقة بأنهم يأكلونه وأنه مثل الحلوى وأحسن فيحنث به أيضا اه. فإن ثبت ذلك يكون كالجمار. قال ابن شهبة: وإنما قالوا في التعليل المذكور لتعذر الحمل على الحقيقة للاحتراز عما إذا كان المجاز راجحا والحقيقة تتعاهد في بعض الأوقات كما لو قال: لأشربن من هذا النهر فهو حقيقة في الكرع بفيه وإذا غرف بإناء وشربه فهو مجاز لأنه شرب من الكوز لا من النهر. لكنه المجاز الراجح المتبادر والحقيقة قد تراد لأن كثيرا من الرعاء وغيرهم يكرع بفيه. قال الزركشي: والمختار عند الإمام فخر الدين والبيضاوي أنهما سواء لأن في كل منهما قوة ليست في الآخر، وهو مقتضى المذهب. قال الرافعي قال: فيما إذا حلف لا يشرب من ماء الفرات يحنث سواء أخذ الماء بيده أم في إناء فشرب أو كرع خلافا لأبي حنيفة فإنه قال: لا يحنث إلا بالكرع.
فصل: في مسائل سائل منثور لو حلف لا يشم - بفتح الشين المعجمة وحكى ضمها - الريحان - بفتح الراء - حنث بشم الضميران وهو - بفتح الضاد المعجمة وإسكان الياء التحتية وضم الميم - الريحان الفارسي لانطلاق الاسم عليه حقيقة وإن شم الورد والياسمين لم يحنث لأنه مشموم لا ريحان ومثله البنفسج والنرجس والزعفران ولو حلف على ترك